للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما أنّ يكونَ - صلّى الله عليه وسلم - قد ثَبَتَ ذلك عنده، ولم تَذكُر عائشةُ مِنَ الحديث إلّا فصوله الّتي يُحتاجُ إليها من صفة الدَّعوَى وصورة القضاء، دون شروطِه الّتي لا تتمُّ إلّا بها، وليست الأحكامُ مأخوذةً من حديثٍ واحدٍ، ولا الشّروطُ ثابتةً من طريقٍ واحدٍ، بل تُلقَطُ من الأدلّة حتّى يجتمعَ للمجتهدين فنونًا، فيوضحونها للطّالبين.

الفقه في مسائل:

المسألة الأولى (١):

قوله: "إِنَّ عُتبةَ عَهِدَ إلَى أَخِيهِ" هذا على حَسَبِ ما كان يفعلُه أهل الجاهليّة؛ لأنّه قد رُوِيَ أنّ النِّكاح كان عندهم على أربعة أَضرُبٍ: أَحدها الاستبضاع (٢)، كما قدّمنا في "كتابُ النِّكاح"، فلعلّ عُتبَة أراد استلحاقه من أحد الأربعة الأوجُه الّتي قدّمنا في "كتاب النِّكاح" (٣).

وأمّا من استدعى واستلحق ولدًا في الإسلام، فلا يخلو أنّ لا يكون عُرفَ له ملكها أو نكاحُها، أو قد عُرفَ، فإن لم يعرف له مِلك أَمَة بنكاحٍ ولا بملكٍ (٤)، فقد


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٦/ ٥
(٢) وهو أنّ يكون الرّجل يعجبه نجابة الرّجل ونبله فيأمر من تكون له من حرّة أو أَمَة أنّ تبيح نفسها له، فإذا حملت منه رجع هو إلى وطئها حرصًا على نجابة الولد.
اما الضرب الثّاني: فهو أنّ تكون المرأة لا زوج لها يغشاها الجماعة من الرِّجال منفردين أو مجتمعين، فإذا استمر بها حملٌ دعتهم وقالت لأحدهم: هذا منك، فيلزمه ذلك ويلحق به ولا يمكنه الامتناع منه.
والضرب الثّالث: وهو أنّ البغايا كن يجعلن الرّايات على مواضعهنّ، فمن رأى تلك الرّاية علم أنّه موضع بغي، فيتكرر عليها بذلك من شاء من النَّاس حتّى إذا استمر بها حملها، قالت لبضهم: هو منك، فيلحق به.
والضرب الرّابع: هو النِّكاح الصّحيح". أهـ. عن الباجي.
(٣) انظر صفحة: ٤٢٣ من الجزء الخامس.
(٤) أي بملك يمينٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>