للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف قولُ ابن القاسم في ذلك، فقال مرّة: يُلحَق به ما لم يتبيّن كذبه ولم يكن له نسَبٌ معروف، وبه قال مالك (١).

وقال أيضًا: لا يلحق به حتّى يتقدّم له على أَمَةٍ مِلكٌ أو نكاحٌ يجوز أنّ يكون منه، ولا يمنعه من ذلك نسبٌ؛ معروفٌ، وبه قال سحنون (٢).

المسألة الثّانية (٣):

لم يذكر في الحديث أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- وَرَّثَهُ، وإنّما أضافه إلى عبد، إذ أقرّ أنَّه أخوه وهو المنفردُ بميراث أبيه، فلا يحلّ له بيعه ولا يثبت بذلك نَسَبُه؛ لأنّ النَّسب إنّما يلحق بالأب فلا يلزمه ذلك بقول عبد (٤).

عارضة (٥):

قال الإمامُ: ألحقَ معاويةُ زيادًا، وأخذ النّاسُ عليه في ذلك، وأيُّ أخذٍ عليه فيه إنَّ كان سَمِعَ ذلك من أبيه، وأيُّ عارٍ على أبي سفيانَ أنّ يُلِيطَ بنفسِهِ وَلَدَ زِنًا كان في الجاهليّة؟! فمعلومٌ أنَّ سُميَّة لم تكن لأبي سفيانَ، كما لم تكن وليدةُ زَمعَةَ لعُتبَةَ، لكن كان لعُتبَةَ منازعٌ تَعَيَّنَ القضاءُ له، ولم يكن لمعاويةَ منازعٌ في زيادٍ، اللَّهُمَّ إلّا أنّ ههنا نكتةً اختلفَ العلّماءُ فيها، وهي: أنّ الأخَ إذا استَلحَقَ أخًا، يقول: هو ابنُ أبي، ولم


(١) وجه هذا القول: أنّ الأسباب موضوعة على الاستلحاق، وأكثرها لا يثبت إِلَّا بإقرار الأب بالوطء أو بأنّه ولده، فإذا لم يكن ثمّ نسب مانع، لحق بمن استلحقه.
(٢) وجه هذا القول: أنّ النّسب إنّما يؤثر فيه الاستلحاق إذا كان ثمّ نسب معروف من ملك يمين أو نكاح، فإذا لم يكن ثمّ سبب يُقوِّي الدّعوَى وجب أنّ تبطل؛ لأنّه لو ثبت بمجرّد الدّعاوى لكثر تعرض الدّعاوى في ذلك وفسدت الأنساب.
(٣) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٦/ ٧.
(٤) تتمّة الكلام كما في المنتقى: "إلّا على وجه الشّهادة عليه فيلزمه ذلك إذا كملت الشّهادة".
(٥) انظرها في القبس: ٣/ ٩١٦ - ٩١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>