للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن له مُنَازعٌ. فإن كان وحدَهُ، فقال مالك: يَرِثُ ولا يَثبُتُ (١) النَّسَبُ في جماعةٍ.

وقال الشّافعىُّ: يثبتُ النَّسَبُ ويأخُذُ المالَ، هذا إذا كان المُقَرُّ به غيرَ معروفِ النَّسَبِ.

واحتجَ الشّافعىّ بقوله: "هُوَ لَكَ يا عَبدَ بنَ زَمعَةَ، الوَلَدُ لِفِراشِ" فقضى بكونه للفراش وإثباتِ نَسَبهِ.

قلنا: هذا جهلٌ عظيمٌ، وذلك أنّ قولَه: "إنَّ النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - قضَى بكَونِهِ للفِرَاشِ" صحيحٌ، وأمّا قولُه: بثبوت النَّسَب فباطلٌ؛ لأنّ عبدًا ادَّعَى شيئين:

أحدُهما: الأخوَّةُ.

والثّاني: ولادةُ الفراشِ.

فلو قال له النَّبىِّ: "هو أخُوكَ، الولدُ للفراشِ" لكان إثباتًا للحُكمِ ونفيًا للعِلَّةِ، بَيدَ أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- عَدَلَ عن الأُخَوَّةِ ولم يتعرَّض لها، وأعرَضَ عن النَّسَبِ ولم يصرِّحْ به، وإنّما قال: "هُوَ لَكَ" معناه: فأنت أعلَمُ به.

حديث:

وهو حديث عبد الله بن أبي أُمَيَّةَ (٢)؛ أَنَّ امرَأَةً هَلَكَ عَنْهَا زَوجُهَا، فَاعتَدَّت أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَعَشرًا، ثُمَّ تَزَوَّجَت حِينَ حَلَّت. فَمَكَثَت عِنْدَ زَوجِهَا أَربَعَة أَشهُرٍ وَنِصْفَ شَهرٍ، ثُمَّ وَلَدَت وَلَدًا تَامًا، فَجَاءَ زَوجُهَا إِلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَدَعَا عُمَرُ نِسوَةً من نِسَاءِ الجاهِلِيَّةِ قُدَمَاءَ، فَسأَلَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ. فَقالَتِ امرأةٌ مِنهُنَّ: أَنَا أُخبِرُكَ بِهَذِهِ المَرْأَةِ، هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا حِينَ حَمَلَتْ، فأُهرِيقَتِ عليه الدِّماءُ. فَحَشَّ وَلَدُها (٣)، فَلَمّا أَصَابَهَا زَوجُهَا


(١) انظر المدوّنة: ٨/ ٣٧٣ (ط. صادر) في الشّهادة على الشّهادة.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢١٥٨) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٨٨٨)، وسويد (٢٧٥)، وابن بكير عند البيهقي: ٧/ ٤٤٤.
(٣) في بطنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>