للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديث (١): ما يدلُّ على فساد قول أهل العراق؛ بأنّ الولد يلحق بالأوَّل ما لم تقرّ المرأةُ بانقضاءِ العِدَّة قبل ذلك.

ونيه من الفقه: أنّه ما كان من أمور النّساء، أنّه يُرْجَع فيه إلى النِّساء العارفات وإلى قولهن ممّا لا يعرفه الرِّجال (٢).

المسألة الثّانية:

قوله: "فَدَعَا النِّساءَ" يريد القوافي، وهي مسألةٌ عظيمةٌ بيّنّاها في موضعها، وهي القولُ بالقَافَةِ، والأصلُ في ذلك: حديث مُجَزَّز المُدلِجِيّ، رواه الأيمّة (٣)، ولم يُدخِله مالك. ثبت أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى عائِشَةَ تَبرُقُ أَسارِيرُ وَجهِهِ، فَقالَ: أَلَم تَرَي أَنَّ مُجَزِّزًا المُدْلِجِيَّ نظَرَ الآنَ إِلى أُسَامَة وزَيدٍ وَهُما في قَطِيفَةٍ قَدْ غطّيَا رُؤُوسَهُمَا وَبَدَت أَقدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقدامَ بَعضُها من بَعضٍ ... الحديث إلخ، وهو صحيح.

العربيّة:

قال: والقَافَةُ جمعُ قائفٍ وهم الّذين يُميِّزُون الدِّماءَ ويلحقون النَّاس بعضهم ببعض. اللّفظ الثّاني: قوله: "تَبرُقُ أَسارِيرُ وَجهِهِ" الأسارير: هي الغضون والتَّكَسُّر الّتي في الوجه، واحدُها سِرّ -بكسر السين- وجمعُها أسرار، وجمعُ الجَمعِ أسارير (٤).

الأصول (٥):

قال الإمام: وجهُ الدّليلِ من هذا الحديث؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - سُرَّ بقول القائف في إثباتِ نَسَبِ أُسَامةَ بنِ زَيدٍ، لشَبَهِ الأقدامِ في التّقدير والهيئةِ، وإن اختلَفا في اللّون، فإنّ زَيدًا


(١) أسقط المؤلِّف سطرًا من كلام سحنون، نرى من المستحسن إثباته، وهو كما في تفسير الموطَّأ: "وفيه: أنّ المرأة تُقرُّ بانقضاء العدّة فتتزوج، فتأتي بولد لأقلّ من ستّة أشهر من يرم تزوّجها الثّاني، قد يضرّها إقرارها بانقضاء العدّة".
(٢) تتمّة الكلام كما في تفسير الموطَّأ للقنازعي: "وهذا أصل في الردّ عند الحكم إلى أهل الصناعات".
(٣) أخرجه البخاريُّ (٦٧٧٠، ٦٧٧١)، ومسلم (١٤٥٩) وغيرها.
(٤) انظر المعلم للمازري: ٢/ ١١٧.
(٥) انظره في القبس: ٣/ ٩١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>