للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا المملوك، فلا كلام لأَحَدٍ فيه إلّا لصاحبه. ومن أسباب مِلْكِ الماءِ مِلكِ مَحَلَّه، كمن احتفَرَ بِئرًا أو بَنَى عينًا، فذلك سَبَبٌ يقضي له بالاختصاص به دونَ غيرِه، على تفصيل معلوم في "كتب المسائل" يأتي الآن منه شيءٌ إنَّ شاء الله.

قال الإمامُ: ولم يكن الماءُ الّذي اختصم فيه الزُّبيرُ والأنصاريُّ مملوكًا لأحدٍ، وإنّما كان ممّا يجري في السّيل فيَجذِبُ كلّ جَدرٍ يمرُّ عليه مِن أحَدِ جانبي السَّيل ما يحتاجُ إليه، وكان الأنصاريُّ تحت الزُّبَيْر في جانِبِه، أو من الجانب الآخر، ولو كان فوقَهُ لكان أحقَّ به، إلّا بمِلْكٍ ثابتٍ باتِّفاقٍ أو باحْتِيَاز قديمٍ. فإن سَاوَاهُ في الجانب الثّاني، فالحُكمُ لمن سَبَقَ، وإن اختلفا قبلَ الاختصاصِ، فإمّا أنّ يقتَسِمَا، وإمّا أنّ يَستَهِمَا. فلمّا سبق الزُّبَيرُ كان له أنّ يأخُذَ حاجَتهُ، حتَّى إذا استَغنى أرسلَ الفاضلةَ له، فأشار -عليه السّلام- بأن يأخُذَ ويترُكَ من حَقِّهِ، وقال له: "أَمْسِكْ مَاءَكَ حَتَّى يَبلُغَ الجَدْرَ" (١) يعني: حتّى يستوي مع حائِطِ الحَوضِ.

المسألة الثّانية (٢):

اختلف علماؤنا لمن يكونُ ذلك؟

فقيل: يكونُ لصاحب الشَّجَرِ باتّفاقٍ؛ لأنّها تحتاجُ إلى رَيٍّ كثيرٍ، فإن كان زَرْعًا أمسَك حتَّى يَستُرَ الأرضَ؛ لَأنّ الزَّرعَ إنّما يحتاجُ إلى قليلٍ، وقضاءُ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- أحقُّ.


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظرها في القبس: ٣/ ٩٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>