للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه يسيرون (١)، من قوله تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} (٢) ورواه ابنُ وهبٍ: يُبسُّون بضمِّ الياء من الرُّبَاعي، وفسره فقال: يُزَيِّنون لهم الخروج (٣). وكذلك رواه ابنُ حبيبٍ عن مُطَرِّف وفسَّرَهُ بنحو ذلك، فقال (٤): "يُزَيِّنون لهم البلدَ الّذي جاءوا منه، ويحبِّبونَهُ إليهم، ويَدْعُونَهم إلى الرّحيل إليه من المدينة، وذلك مأخوذٌ (٥) من إبْسَاسِ الحَلُوبَةِ (٦) عند حِلَابِها حتّى تَدُرُّ باللَّبن، وهو أنّ يجرَّ يده (٧) على وجهها وصَفْحَة عُنُقِها، كأنّه يُزَيِّنُ ذلك عندها" (٨).

الثّانية (٩):

أمّا قولُه: "وَالْمَدِينَةُ خيرٌ لَهُم" فالخير ههنا من طريق الفضل؛ لأنّ سُكْنَى المدينة للصّلاة في مسجد النّبيّ -عليه السّلام- الّذي صلاةٌ فيه خير من الصّلاة فيما سِواهُ من المساجد، وأفضلُ بألفِ درجةٍ، إِلَّا المسجدَ الحرامَ فإنّ الصّلاة فيه أفضلُ لما قدّمناه (١٠). ولم يذكر في هذا الحديث مكَّةَ، وقد عَلِمَ أنّها ستُفْتَحُ عليه كما تُفتَحُ الشّام والعراق واليمن؛ لأنّ مكّة ليست كغيرها.


(١) أنكر ابن حبيب هذا القول أشد الإنكار فقال: "وليس يَبسُّون من السير، كما قال من لا يعرف التّأويل ولا الإعراب، لو كان معناها يسيرون النَّاس لكانت يبسُّون النَّاس -بنصب الباء ورفع السِّين، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} يعني: سُيْرت الجبال تسييرا فقال [بُسَّت] ولم يقل: أبَسِّتْ، فافهم تغيير ذلك بالمعنى في الإعراب). وانظر الاقتضاب: ٩٩/ ب.
(٢) الواقعة: ٥.
(٣) أوردها الجوهري في مسند الموطَّأ: ٥٧٨.
(٤) في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١٣٨ [٢/ ٩٦ - ٩٧].
(٥) في تفسير ابن حبيب: " ... المدينة، وهو الإبساس بالألف، وإنّما هو مأخوذ ... ".
(٦) ذات اللَّبن.
(٧) في تفسير ابن حبيب: "وهو أنّ نجري يدك".
(٨) في تفسير ابن حبيب: "كأنك تزين ذلك وتحسنه لها ويطيبّها به".
(٩) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٢٨.
(١٠) صفحة: ١٦٧ - ١٦٨ من هذا المجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>