لصاحبه، وقال بعضهم لا تَدَعَنَّ الطَّلَبَ اتّكالًا على القَدَرِ، ولا تجهدنَّ نفسك في الطَّلَبِ معتمدًا عليه مستغنيًا بالقَدَرِ، فإنّك إذا جهدتَ نفسَكَ في الطَّلَبِ بوجود التّدبير، مصدِّقًا بالقَدَرِ، نلتَ ما تحاول ولم تضق عليك الأمور.
مقدَّمةٌ أخرى في سرد الآثار والأخبار في معنى القضاء والقَدَرِ ممّا يُقَوِّي الإيمان وبزول التشكيك بواضح البرهان سليمة من الجدل والامتحان
منها: ما سئل عنه عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن القَدَرِ، فأعرض عن السّائل، فأَبَى إِلَّا الجواب، فقال عليَ: أخبِرنِي أَخَلَقَكَ الله كَمَا شِئْتَ أَم كمَا شَاءَ؟ فَأَمْسَكَ الرَّجُلُ. فَقَالَ عَلِيُّ للحاضرين: أَتَرَونَهُ يَقُولُ: كما أشاء، إذا والله أضرب عُنُقَهُ، فقال الرَّجُلُ: كما شاء. فقال: أَيُحيِيكَ كما شاء أو كما شئت؟ قال: كما يشاء. قال: أيدخلك حيث يشاء أو حيث تشاء؟ قال: حيث يشاء. قال: فليس لك من الأمر شيءٌ.
ورُوِيَ أنّ رجلًا قَدَريًّا ومجوسيًا تناظَرَا في القضاء والقَدَرِ، فقال القدريُّ للمجوسيّ: مالك لا تُسلِم؛ فقال المجوسي: لو أراد الله لأَسلمتُ. فقال القدريُّ: قد أراد الله أنّ تسلم، لكنّ الشيطان يمنعك. قال المجوسي: فأنا مع أقواهما، فالحُجَّةُ بالحُجَّةِ. فكان المجوسي أحسن اعتقادًا من القَدَرِيِّ.
ورُوِيَ أنّ رجلًا من الخوارج قال لعليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أرأيتَ مَنْ حبسني سبيل الهُدَى، وسلك بي سبيل الرَّدَى، أَحْسَنَ إِلَيَّ أم أَساءَ؟ فقال علىٌّ: إنَّ كنت استوجبت عليه شيئًا فقد أساء، وإن كنت لم تستوجب عليه شيئًا فهو يفعل ما يشاء.
حكاية:
وَرُوِيَ أنّ رجلًا قال لبُزُرْجمِهر: هل تُناظِر في القَدَرِ؟ فقال: وما نصنع بالمناظرة في القَدَرِ رأيت ظاهرًا استدللت به على باطن، ورأيت أحمقَ مرزوقًا وعاقلًا محرومًا، فحلمت أنّ التَّدبِيرَ ليس للعباد، ولما وَلَّى كسرى بزرجمهر وجدَ في مِنطَقَتِهِ كتابًا فيه: إذا