للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان القَدَرُ حقًّا فالحرصُ باطلٌ، وإذا كان القَدَرُ في الناس طِبَاعًا فالثّقةُ بكلِّ أحدٍ عَجزٌ، وإذا كان الموتُ بكلِّ أحدٍ نازلًا فالطمأنينةُ إلى الدنيا حُمقٌ.

وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} (١) إنَّما كان الكنز لوحًا من ذهبٍ مكتوبٌ فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، عجبتُ لمن يؤمن بالقَدَرِ كيف يحزن! وعجبتُ لمن يُؤمن بالرِّزْقِ كيف يتعب! وعجبتُ لمن يؤمن بالموت كيف يفرح! وعجبتُ لمن يؤمن بالحسابِ كيف يغفل! وعجبتُ لمن يعرف الذنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها! لا إله إلا الله محمد رسول الله" (٢).

خبر آخر:

وقال يحيى بن مُعاذِ: عجبتُ من ثلاثةِ: رجُلُ يُدَبِّرُ تناول رزقه بتدبيره، وهو يرى تناقض تَدبيره، ورجلٌ شَغَلَة همّ تدبيره، ومن عالم مفتونٍ يعيبُ على زاهدٍ مغبوطٍ.

آخر (٣):

وقال ابن مسعودٍ: إن الرجُلَ ليُشرِفُ على الأمر من أمور التّجارة وغيرها، وكره الله فوق سماواته ذلك، فيقول للمَلَكِ: اصرِف عن عبدي هذا الأمرَ، فإنّي إن يسَّرتُهُ له أدخلْتُهُ به جهنّم، ويقول مسخطًا: سبقني فلانٌ، وحسَدَني فلان، ولو فعلتُ كذا وكذا لكان كذا، وما صرفه عنه إلاَّ الله.

نُكتَةٌ:

قال: استأذن العقلُ على الجدِّ فقال: اذهب لا حاجةَ لي بك فقال العقل: ولِمَ؟


(١) الكهف: ٨٢.
(٢) أخرجه بنحو. الطبري في تفسيره: ١٦/ ٦ (ط. الحلبي)، والبزار كما في مجمع الزوائد: ٧/ ٥٣ - ٥٤، وقال الهيثمي: "رواه البزار من طريق بشر بن المنذر، عن الحارث بن عبد الله اليحصبي، ولم أعرفهما، وبقة رجاله ثقات". كلما أخرجه ابن بطة في الإبانة [كتاب القدر]: ٢/ ١٧٢ (١٦٦١)، وذكره البغوي في تفسيره: ٥/ ١٩٦ وقال: "وهذا قول أكثر المفسرين".
(٣) أي خبر آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>