للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنَعَنِي الهُدَى ومَنَحَنِي الرَّدى، أأحسنَ إليَّ أم أساء؟ فقال له ربيعة: إنَّ كان منعك شيئًا هو

لك فقد ظَلمك*، وإن كان فضلُه يؤتيه من يشاءُ فَمَا ظَلمَكَ شيئًا (١).

قال الإمام: وهذا أخذهُ ربيعة من كلام ابن عبّاس.

وقال غيلان لربيعةَ: أنتَ الّذي تزعُمُ أنّ الله يحبُّ أنّ يُعصَى؟ قال: وأنت الّذي تَزعُمُ أنّ الله يُعصَى قسرًا (٢).

حديث مالكٍ (٣)، عن عمّه أبي سُهْيلِ بنِ مالكِ قال: كُنتُ أَسِيرُ مَع عُمَرَ ابنِ عَبدِ العَزِيزِ، فقال: مَا رَأيُكَ في هَؤُلَاءِ القَدَرِيَّةِ؟ قُلتُ: رأيِيْ أنّ تَستَتيِبَهُم، فَإِن قَبِلُوا، وإلَّا عَرَضتَهُم عَلَى السَّيفِ. فَقَالَ عُمرَ: وَذَلِكَ رَأيِي.

الأصول والأحكام في مسائل:

المسألة الأولى: في تسميتهم قدَرِيَّة

قيل لهم ذلك لأنّهم يزعمون أنّهم يُقَدِّرُونَ أفعالَهُم ويُدبِّرُونَهَا، ويجعلونها مُقَدَّرَةً دون خالِقِهم (٤)، والقَدرِيُّ هو من يدّعي ذلك لنفسه، كما أنّ الصّانع الّذي يدّعي الصّناعة ويعْرَفُ بأنّه صانع مصوغ دون من يزعم أنّه يُصاغُ له.


(١) أورده ابن عبد البرّ في التمهيد: ٦/ ٦٤ - ٦٥.
(٢) أخرجه الفريابي في القدر (٣١٧)، وأخرجه ابن بطّة في الإبانة [كتاب القدر]: ٢/ ٢٥٩ (١٨٧٢) من طريق آخر.
(٣) في الموطَّأ (٢٦٢١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٨٧٦)، وسويد (٦٤٦)، وقتيبة بن سعيد عند الفريابي في القدر (٢٧٣)، وعنه الآجري في الشّريعة (٥١١)، ومعن عند الفريابي في القدر (٢٧٤)، وعنه ابن بطة في الإبانة [كتاب القدر]: ٢/ ٢٣٣ (١٨٣٤)، وعن أبي مُسْهِر عبد الأعلي بن مُسهِر الدمشقي عند اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة (١٣١٥)، وإسحاق بن عيسى الطباع عند اللالكائي (١٣١٦)، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (٩٥٢)، وحماد بن زيد عند اللالكائي أيضًا (١٣١٧).
(٤) انظر أخبارهم عند الملطي في التنبيه والرّدّ: ١٦٥، والبغدادي في الفرق بين الفرق: ١١٤، والشهرستاني في الملل والنحل: ١/ ٦١ - ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>