للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثّانية (١):

مذهب عمر بن عبد العزيز القتل والاستتابة. وقد زعم قومٌ أنَّه قَتَلَ غَيلانًا القَدَرِيَّ وصَلَبَهُ، وهذا جهلٌ بعلم أيّام النَّاس، وإنّما الصّحيح أنّ عمر لما ناظرَهُ دعا عليه وقال: ما أظُنُّكَ تموتُ إِلَّا مصلوبًا، فقتلَهُ هشامٌ وصلَبَهُ؛ لأنّه خرج مع زَيْد بن عليّ بن حسين ابن عليّ.

ومذهبُ مالك (٢) وأصحابه أنّ القَدَرِيَّة يُستَتَابُون (٣)، قيل لمالك: كيف يستتابون؟ قال: يقال لهم اتركوا ما أنتم عليه وانزِعُوا عنه.

المسألة الثّالثة (٤):

هل يُسَلَّم على القَدَرِيَّة وأهل البدع وأهل الأهواء، أم لا؟

فمذهب مالك: لا يسلَّم عليهم، ولا يُصَلَّى خَلفَهُم، ولا يصلَّى عليهم، ولا تُقبَل شهادتُهُم (٥).

تنقيح (٦):

أمّا قولُه: "لَا يُصَلَّى خلفَهُم" فإنّ الإمامة يُتَخَيَّرُ لها أهلُ الكمالِ في الدِّين من أهل التّلاوة والفِقْهِ، هذا في الإمام الرّاتب.

وأمّا قوله: "لَا يُصَلَّى عَلَيهِمْ" فإنّه يريد إِلَّا يُصَلَّي عليهم أيمّةُ الدِّين والعلّم؛ لأنّ ذلك زَجرٌ لهم وخِزيٌ لهم لابتِدَاعِهِم، رجاءَ أنّ ينتهوا عن مذهبهم، وكذلك تركُ ابتداءِ السّلامِ عليهم.


(١) هذ. المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ١٠٣.
(٢) جاء في العتبية: ١٧/ ٢٦٥ "قال مالك في القَدَرِيَّة: إنَّ لم يتوبوا أرى أنّ يُقَتَلوا".
(٣) ذهب المؤلِّف في أحكام القرآن: ١/ ٢٩٤ إلى تكفيرهم، فقال: "فأمّا القَدَرِيَّة فلا شك في كفرهم". ويقول في موضع آخر: ٢/ ٨٠٢ "والذي نختاره كُفْرُ من أنكرَ أصولَ الإيمان، فمن أعظمها موقعًا، وأبينها منصفًا، وأوقعها موضعًا، القولُ بالقَدَرِ، فمن أنكره فقد كفر".
(٤) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ١٠٣.
(٥) انظر العتبية: ١٦/ ٤٠٩ سماع موسى من ابن القاسم.
(٦) هذا التنقيح مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٠٣ - ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>