للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفئدة، وإنَّها لمستكِنَّةٌ في طَيِّ الفؤاد استكنانَ الجَمْرِ تحت الرَّماد، ويستخرجها الكير الدّقيق من قلب كلِّ جبّارٍ عنيد، كما يستخرجُ الحجر النّار من الحديد، وقد انكشفت للنّاظرين بنور اليقين؛ لأنّ الإنسان ينزعُ منه عرق إلى الشَّيطان اللَّعين، فمن استفزّته نار الغضب فقد قرنه قرانة الشَّيطان، حيث قال: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} (١).

فإنّ شأن الطّين السّكون والوقار، وشأن النّار التّلظي والاستعار والحركة والاضطراب، ولذلك قال الحسن البصري: ابن آدم، كلّما غضبت وثبت، ويوشك أنّ تثب وثبةً فتقع في النّار.

وأغلظَ رجلٌ (٢) لعمر بن عبد العزيز القول، فأطرق عمر طويلًا، ثمّ قال: أردتَ أنّ يَستَفِزَّني الشَّيطانُ بعزّة السُّلطان، فأنال منك اليوم ما تنال منِّي غدًا (٣).

وقال وَهْب: للكفر أربعة أركان: الغضب، والشَّهوة، والخرق، والطَّمع.

وقال نبيّ من الأنبياء لمن معه: من يتكفَّل لي أنّ لا يغضب، ويكون معي في درجتي في الجنَّة، ويكون بعدي خليفتي؟ فقال شابّ من القوم: أنا، ثمّ أعاد عليه، فقال الشاب: أنا أوفي به، فلمّا مات كان في منزلته بعده، وهو ذو الكِفل، سُمِّيَ به لأنّه كَفَلَ بالغضب ووفى به.


(١) الأعراف: ١٢.
(٢) في الأحياء: رجل من قريش.
(٣) هذه الحكاية هي من رواية علي بن زيد، كما نصّ على ذلك الغزالي في الإحياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>