للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكتةٌ:

والناسُ في الغضب أربعة:

فبعضهم: كالحَلفَاءِ سريع الوقود سريع الخُمُودِ.

وبعضهم: كالعصا بطيءُ الوقود بطيءُ الخُمُودِ.

وبعضهم: بطيءُ الوقودِ سريعُ الخمودِ وهو الأحمد، ما لم يَنتَهِ إلى فتور الحمية.

وبعضهم: سريع الوقود بطيء الخُمُودِ، وهذا هو أشرَّهم، وفي الخبر: "سَرِيعُ الغَضَبِ سرِيعُ الرِّضَى" (١) فهذه بتلك.

وقال الشّافعيّ: منِ اسْتُغضِبَ فلم يغضب فهو حمار (٢).

نكتةٌ نافعة للغَضَب (٣):

ولو أنّ رجلًا تفكَّر في قُبحِ صورته عند غَضبِه، بأن يتذكَّر صورة غيره في حالة الغضب، ويتفكّر في قُبحِ الغضبِ في نفسه ومشابهتِهِ صاحب الكلب الضَّاري، والسَّبع العادي، ومشابهة الحليم الهاديء التَّارك للغضب الأنبياءَ والعلّماءَ والحكماء، ويُخيِّر نَفسَهُ بين أنّ يتشبَّه بالكلاب أو بالسِّباع أو أَرذَل النَّاس، وبين أنّ يتشبَّه بالأنبياء في الاقتداء إنَّ كان قد بقي معه مُسكَة عقل.

والمعنى الثّاني: أنّ يتفكَّر في السّبب الّذي يدعُوه إِلى الانتقام ويمنعه من كظم الغيظ، ولابدّ أنّ يكون له سبب، مثل قول الشَّيطان له: إنَّ هذا يُحمَلُ منك على العجز وصِغَرِ النَّفس والذِّلة والمهانة، وتصير حقيرًا في أعين النَّاس، فلتأنف ذلك بما يؤول أَمرُه من سوء العاقبة، ومن الخزي يوم القيامة والافتضاح إذا أخذ بيدك للانتقام.

وأن تتفكَّر بأن: "الغضبُ من الشَّيطان، وإنَّ الشَّيطان خُلِقَ من النَّار، وإنّما تُطفَأُ النّار بالماء، فإذا غضِبَ أحدُكُم فليتوضأ" (٤) وقال -عليه السّلام-: "أَلَا إِنَّ الغَضَبَ جَمرَةٌ في


(١) أورده السبكي في كتابه: "الأحاديث الّتي لا أصل لها في كتاب الإحياء": ٣١٥، وانظر: تذكرة الموضوعات للفتني: ١٩٠.
(٢) رواه البيهقي في شعب الإيمان (٩١٦٤)، وانظر المفاسد الحسنة: ٤٠٢.
(٣) هذه النكتة النافعة مقتبسة من إحياء علوم الدِّين: ٣/ ١٧٣ - ١٧٦.
(٤) أخرجه أحمد: ٤/ ٢٢٦، وأبو داود (٤٧٥١)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني: =

<<  <  ج: ص:  >  >>