للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها طيب، فكرهتُ الأخذ منها حتّى أخذ من طيبها رجلٌ فأخذتُ الطّيب من يده. وهذا بديعٌ.

المسألة الرّابعة (١):

فإذا ثبت هذا، فإنّه يحتمل أنّ يكون النّهي عن الأكل والشُّرْبِ في ذلك عبادة. ويحتمل أنّ يكون مُعَلِّلًا بالسَّرَفِ. وعلى أيِّ الوجهين سِرْتَ في قصد النّظر لم يلزم الانتفاع بآنية الذّهب والفضّة في غير الأكل والشُّرْبِ المنصوص عليهما، من تدهن أو تطيب أو بخور، لقوله: "هي لهم في الدُّنيا ولنا في الآخِرة" (٢) فجعلهما دارين ومنفعتين وفريقين، وعيَّنَ لكل فريق في كلِّ دار منفعةً.

المسألة الخامسة (٣):

اختلف النَّاس في المعنى المقصود إليه بهذا الحديث، فقالت طائفةٌ من العلماء: إنّما عَنَى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بقوله هذا المشركين والكفّار من ملوك الفرس وغيرهم الّذين يشربون في آنِيَةِ الفضِّة، فأخبر -عليه السّلام- عنهم، وحذَّرَنَا أنّ نفعلَ فِعْلَهم أو نتشبَّهَ بهم.

وقال آخرون: بل نَهَى رسولُ الله عن الشُّرْبِ في آنية الفضّة والذّهب، فمن شرب منهما بعد علمه بنهي رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقد استوجب الوعيد المذكور في الحديث، إلّا أنّ يعفو الله عنه، فإنّه يغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء.

وأجمع العلماء على أنّه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أنّ يأكل أو يشرب في آنية فضّة أو ذهب.

والجمهور من العلماء أنّه لا يجوز اتّخاذُها ولا استعمالها، ومن اتّخذها كان عاصيًا باتِّخاذها.


(١) انظرها في العارضة: ٨/ ٧٠ - ٧١.
(٢) أخرجه مسلم (٢٠٦٧).
(٣) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٢٦٨ - ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>