للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوْمَاوَيْنِ في غير إثمٍ ولا قَطِيعةِ رَحِمٍ قلنا: يا رسول الله، كلُّنا نُحِبُّ ذلك، قال: "أفلا أدُلُّكُم على ما هو خيرٌ لكم من ذلك، يَغْدُو أحدُكُم إلى المسجد، فيتعلَّمُ آيةً من كتابِ الله خيرٌ، له من ناقةٍ، وآيتين خيرٌ له من اثنين، وثلاثٌ خيرٌ له من ثلاثٍ وأربعٌ خيرٌ له من أربعٍ، ومن أعدادِهنَّ من الإبِلِ (١) ".

خبر آخر: وممّا ثبتَ في الصّحيح، قوله - صلّى الله عليه وسلم - لأصحابه: "والله ما الفقرَ أخشَى عليكُم، ولكنِّي أخافُ عليكم ما يفتَحُ الله لكم من زهرةِ الدّنيا، فتتنافسُونَ فيها كما تنافَس من كان قبلكم، فتُهْلِكُكُم كما أهلكَتْهُم" (٢).

هذا أشبه ما صحّ في هذا الباب من الأحاديث.

عربيّة (٣):

قوله: "عليكُم بالماءِ القَرَاحِ" وهو الخالصُ الّذي لم يمازجه شيءٌ، ولم يُمْزَجْ بعسلٍ ولا زبيبٍ، ولا غير ذلك ممّا تُصْنَعُ منه الأشربةُ (٤).

و"البَقْلُ البرِّيُّ" يريد: الّذي لم يتقدّمْ عليه مِلْكٌ، وهو مباحٌ في أصله كماء الأنّهار.

وقوله: "وخُبْزِ الشَّعِيرِ" يريد: فَتَقوَّتُوا به واقتصروا عليه، فهو أقلُّ ما يُمسِكُ الرَّمَقَ وتبقَى به الحياةُ؛ لأنّ الشَّعيرَ أقلُّ الأقواتِ.

وقوله: وإيَّاكم وخُبزَ البُرِّ فإنّكم لن تقوموا بشُكْرِه" فنهَاهُم عن البُرِّ حَضًّا على التّقليل من الدّنيا والزّهد فيها، وفيما زاد على أيسر الأقوات منها، وإن كان قد عَلِمَ أنّهم ولَا سِوَاهُمْ لا يقومُ بشُكْرِ الماء ولا البَقْلِ، ولكنّه حضَّهُم على أقلِّ ما يمكن منه.

ويحتَمِلَ - والله أعلم - أنّ ينصَرِفَ الضّميرُ في قوله: "فإنّكم لن تقوموا بشكره" إلى البُرِّ. ويحتَمِلَ أنّ ينصرفَ إلى الماءِ والبقْلِ والشَّعيرِ، فيكونُ معناهُ ما تقدّم، والله أعلم.


(١) أخرجه مسلم (٨٠٣).
(٢) أخرجه البخاريّ (٤٠١٥)، ومسلم (٢٩٦١) من حديث عروة بن الزبير.
(٣) كلامه في العربيّة مقتبس من المنتقى: ٧/ ٢٤٦.
(٤) قال نحوه "ابن حيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١٥١ [٢/ ١٣٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>