للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه ينوي الرّجوع إليه ويرتقب وقت توجُّهِهِ إليه. فهذا ممّا يستديم به الحسنات؛ لأنّ مَنْ نَوَى حَسَنَة فلم يعملها كُتِبت له حسنة، كان عملها كُتِبَت له عشرًا، بِكَرمِ اللهِ.

الرّابعة (١):

قوله: "وَرَجُلَانِ تحَابَّا في اللهِ اجتَمَعَا على ذلك وَافتَرَقَا عليهِ" فقد قال مالك: الحبُّ في الله والبغضُ في الله من الفرائض. واجتماعهما على معنى أنّهما يجتمعان بسبب تحابّهما في الله، ويفترقان على ذلك

ويحتمل أنّ يريد به: أنّهما يفترقان من أجل ذلك، ينفرد كلّ واحد منهما بِعَمَلٍ صالح، يكون الانفراد حينئذ أفضل.

الخامسة (٢):

قوله: "وَرَجلٌ ذَكَرَ اللهَ خَاليا فَفَاضَت عَينَاه" خصَّ - صلّى الله عليه وسلم - الخالي بذلك؛ لأنّه أبعد من الرياء والسُّمعة وطلب الذِّكْر، فما كان في حال الخَلوَة من ذكر الله تعالى واستشعار خشيته حتّى تفيض عيناه؛ فإنّه خالص لله تعالى لا يشوبه غيره.

والخَلوَةُ والفكرةُ في أمر الآخرة نافعةٌ، وخوفُ اللهِ وذِكرُ الجنَّةِ والنّارِ والحساب والعقاب نافع للقَلب، لا على ما تَفعله الصّوفية من الانفراد والتّفكير في الله تعالى حتّى تدعي عند لألك حال المكاشفة؛ فإنّه أمرٌ لا يدرك إِلَّا في نادر من الخَلْقِ.

السّادسة (٣):

قوله: "وَرَجلٌ دَعَتهُ امرأةٌ ذَات حَسبٍ وجَمَالٍ" يريد -والله أعلم- دعَتهُ إلى نفسها.

ويحتمل أنّ يريد على وجه النِّكاح، ويعرِفُ أنَّه لا يقوم بما يجب عليه لها.

ويحتمل أنّ تدعوه إلى غير ذلك ممّا لا يحلُّ فيمتنع منه. وخَصَّ - صلّى الله عليه وسلم - ذات الشّرف والجمال؛ لأنّ النَّاس فيمن تجمّعت لها هاتان الخصلتان أَرغَب وعليها أحرص. فإذا


(١) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتفى: ٧/ ٢٧٣.
(٢) الفقرة الأولى من هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٧٣.
(٣) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقي: ٧/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>