للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إنِّي أخاف الله، كان امتناعُه من ذلك مخافة الله وايثارَا لما عنده.

ويحتمل أنّ يريد بقوله: "إنِّي أخافُ الله" أنّه قال لها ذلك وراجعها به، وأظهر لها امتناعه عليها.

ويحتمل أنّ يريد أنّه قال ذلك في نفسه، فمنع نَفْسَهُ لذلك لِمَا دعَتهُ إليه، واللهُ أعلم. وهذا عندي أفضل السّبعة لأنّه مقام عظيم (١).

السابعة:

ذكرَ فيه إخفاء الصَّدقة، وقد اختُلِف في ذلك.

فقال قوم: صدقةُ السِّرِّ أفضل بهذا الحديث.

وقال قوم: صدقةُ العلانيّة أفضل، لما في ذلك من إظهار فضلِ الخير وتنشيطِ النَّاس فيه. وقد بينَّاه في "كتاب الزَّكاة".

حديث أبي هريرة (٢)؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -قال: "إذا أَحبَّ اللهُ العبدَ. قال لجبريل: قد أحببتُ فلانًا فَأَحِبَّهُ، ثمَّ يُنادِي في أهل السّماءِ: إنَّ اللهَ قد أَحبَّ فلانًا فَأَحِبُّوه". ومِثلُ ذلك في البُغْضِ. الحديثُ صحيحٌ خرّجه الأيمّة (٣)، لا كلامَ فيه.

الفوائد:

قال علماؤنا: في هذا الحديث أنّ جبريل -عليه السّلام- هو صاحب المحبَّة والبغض، وفي كتب التّفسير أنّ جبريل -عليه السّلام- أبطأ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فقال له النّبيُّ -عليه السّلام-: مالك لا تزرنا كلّ يوم؟ فقال: فنزل عليه: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الآية (٤). وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (٥) أي: محبّة في قلوب


(١) هذه العبارة من زيادات المؤلِّف على نصّ المنتقى.
(٢) في الموطَّأ (٢٧٤٣) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٠٠٦)، وسُوَيْد (٦٥٤)، وابن القاسم (٤٤٦)، والقعنبي عند الجوهري (٤٣٣)، وابن وهب عند مسلم (٢٦٣٧).
(٣) كالإمام البخاريّ (٣٢٠٩)، وابن حبّان (٣٦٤) وغيرهما.
(٤) مريم: ٦٤، والحدبث أخرجه البخاريّ (٤٧٣١) من حديث ابن عبّاس، بلفظ: "ما يمنعك أنّ تزورنا أكثر ممّا تزورنا".
(٥) مريم: ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>