للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مُسنَدٍ، وقد جاء في الحديث ردّ السّلام، ممّا يدلُّ على أنَّه من الفروض الّتي على الكفاية، فالمصير إليه أَوْلَى من الرّأي.

الرّابعة (١): في صفة سلام أهل الكتاب

إذا قالوا: السّلام عليكم، قيل لهم: "وَعَلَيكُمْ" (٢) ورُوِي: "عَلَيْكُمْ" (٣) وقد رويت الوجهان حين قالوا هم: " السَّامُ (٤) عَلَيكُم، فقالت عائشة: وعليكم السَّام واللَّعْنَة، فنهاها رسولُ اللهِ، وقال: وعليكم، ثمَّ قال لعائشة: إنَّهُ يُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُستَجَابُ لَهُم فِيَّ" (٥).

واختار بعضهم ترك الواو (٦)، لِمَا فيه من الرَّدِّ عليهم قولهم الفاسد، وإذا دخلت الواو فهو المعنى بعينه؛ لأنّه عطف ما دعا على ما دعوا، التّقدير: وعليكم الّذي قُلْتُم. ثمّ قال: إنّه ينفذ قولي فيهم ولا ينفذ قولهم فيَّ. والّذي في "الموطّأ" (٧) عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "عَليَكَ" (٨) وهذا يرفع كلّ إشكالٍ وخلافٍ، ويقضي على رواية من غير النّبيِّ -عليه السّلام-.


(١) انظرها في العارضة: ١٠/ ١٦٩، وراجع إنَّ شئت أحكام القرآن: ١/ ٤٦٥
(٢) في الحديث الّذي أخرجه البخاريّ (٦٠٢٤)، ومسلم (٢١٦٥).
(٣) في الحديث الّذي أخرجه البخاريّ (٦٢٥٦).
(٤) السام: هو الموت، انظر تفسير غريب الموطَّأ لابن حبيب: الورقة ١٦٠.
(٥) أخرجه البخاريّ (٦٠٣٠، ٦٣٩٥، ٦٤٠١).
(٦) وهو الّذي رجّحه المؤلِّف في أحكام القرآن: ١/ ٤٦٥ حيث قال: "والمحدِّثون يقولون بالواو، والصّواب سقوط الواو؛ لأنّ قولنا لهم: عليكم ردُّ، وقولنا: وعليكم، مشاركَةٌ، ونعوذ بالله من ذلك"، ويقول ابن حبيب في شرح غريب الموطَّأ: الورقة ١٦٠ " ... لأنك إذا قلتَ: وعليك، فقد حقّقت على نفسك ما قال لك لما أشركته معك فيه، ولكن: عليك، ردٌّ عليه لما قال ودَفْعٌ لشتمه".
(٧) الحديث (٢٧٥٩) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٠٢١)، وسويد (٣/ ٦٦٤).
(٨) الحديث كاملًا كما في الموطَّأ، قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنَّ اليهودَ إذا سلَّمَ عليكُم أَحَدُهُم، فإنّما يقول: السَّامُ عليكم. فَقُل: عليك".

<<  <  ج: ص:  >  >>