للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسة (١):

فإن بدأتَ ذمِّيًا بالسّلام على أنّه مسلمٌ، ثمّ عرفت أنّه ذمّيّ؟ قال مالك: لا يستردّ منه السّلام (٢). وكان ابنُ عمر يستردّ منه السّلام، فيقول له: اردد عَلَىَّ سلامي (٣)، وهذا لا يلزم؛ لأنّه لم يخلص للذِّمِّىِّ من ذلك شيءٌ، لأنّه إنّما سَلَّم عليه ظنَّا منه أنّه مسلمٌ، ولمّا اختلف الباطنُ والظّاهرُ لم يخلص منه شيءٍ، فليس هنالك ما يحصل له حتّى يُستردّ منه.

السّادسة (٤):

السّلامُ عندنا ينتهي إلى البركة في الرَّدِّ. وقال قوم: لا يردّ بالبركة. لأنّ النّبيَّ قال لعائشة: "إنَّ جِبرِيلَ يُقرئُكِ السَّلامَ. فقالت: وَعَلَيهِ السَّلَامُ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ" (٥) وفي "الموطَّأ" (٦):"إنَّ السَّلَامَ قَدِ انْتَهَى إِلَى البَرَكَةِ" عند عبد الله بن عبّاس.

وروى أبو عيسى التَّرمذيّ (٧) حديثًا مُنْكَرًا ضعيفًا، عن جابر، قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم-: "السَّلامُ قبلَ الكَلَامِ" وإن كان ليس بصحيحٍ فله معنى صحيح؛ لأنّ السَّلام فرضٌ


(١) انظرها في العارضة: ١٠/ ١٧٠.
(٢) هو في الموطَّأ (٢٧٦٠) رواية يحيي. وانظر البيان والتحصيل: ١٨/ ١٩٦ - ١٩٨.
(٣) أخرجه الأزدي في جامعه (١٩٤٥٨)، وابن سعد في الطبقات: ٤/ ١٦٣، والبخاري في الأدب المفرد (١١١٥).
(٤) انظر في العارضة: ١٠/ ١٧٠.
(٥) أخرجه البخاريّ (٣٧٦٨) عن أبي سلمة.
(٦) الحديث (٢٧٥٧) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢٠١٨)، وسُوَيد (٢/ ٦٦٤)، ومحمد ابن الحسن (٩١٤).
(٧) الحديث (٢٦٩٩) وقال: "هذا حديث مُنْكَرٌ لا نعرفُه إِلَّا من هذا الوجه، سمعتُ محمّدًا [أي البخاريّ] يقول: عَنْبَسَةُ بن عبد الرّحمن ضعيف في الحديث ذاهبٌ، ومحمد بن زاذانَ مُنْكَرُ الحديث".
وأخرجه أبو يعلى (٢٠٥٩)، وابن عدي في الكامل (١٦٧٨)، والصَّيداوي في معجمه: ٣٧٨، والقضاعي في الشهاب (٣٤)، وابن الجوزي في العلّل: ٢/ ٧٢٠ (ط. الميس) وقال: "هذا حديث لا يصح"، والمزي في تهذيب الكمال: ١٠/ ٤٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>