للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّابعة (١):

هل النّهي عامٌ في جميع المدن والصَّحَارَى، أم هو مقصور على حيّات المدينة خاصّة؟ فخصّصه قوم بقوله: "إِنَّ بالمدينةِ جِنًّا قد أَسلَمُو" (٢) ولم يذكر غيرها. والصّحيح أنّ المدينة وغيرها سواءٌ، لقوله: "نَهَى عن عَامِرِ" وفي لفظ: "عن عَوَامِرِ البيوتِ" (٣) وكذلك قال مالكٌ، وكما أسلَمَ جنّ بالمدينة، يحتمل أنّ يكون أسلم بغيرها، هذا هو الغالب، والله أعلمُ.

الخامسة (٤):

وهي أنّ الله تعالى يسَّرَ لهم بقُدرته التَّشَكُّل والتَّمثُّل في الهيئات، كما يسَّرَ لنا الشَّكل في الحركات. فإذا أرادت جهة، يسَّر لها الحركة إليها، وخلق لها القدرة عليها. والملائكةُ والجِنُّ في تَيَسُّر الهيئات لهم كالحركات لنا.

السّادسة (٥):

في حديث الغار: "وُقِيَت شَرَّكُم كما وُقِيتُم شَرَّهَا" (٦) وما نفعلُه نحن ليس بِشَرٍّ، وإنّما هو خيرٌ وأجرٌ، فإنّما سمّاه شرًّا لأنّه جزاء الشَّرِّ، كما قال: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (٧) فسمَّى الجزاء اعتداء، وليس على عادة العرب في مقابلة الألفاظ، وإنّما اختلاف المعاني.


(١) انظرها في العارضة: ٦/ ٢٨٢.
(٢) أخرجه مالك في الموطَّأ (٢٧٩٨) رواية يحيى.
(٣) أخرجه مسلم (٢٢٣٣) عن أبي لُبَابَة، وانظر التمهيد: ١٦/ ١٩.
(٤) انظر بعضها في العارضة: ٦/ ٢٨١.
(٥) انظرها في العارضة: ٦/ ٢٨٢.
(٦) أخرجه البخاريّ (١٨٣٠)، ومسلم (٢٢٣٤) عن ابن عمر.
(٧) البقرة: ١٩٤، وانظر أحكام القرآن: ١/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>