للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام في الحديث الأوّل (١):

أما قوله: إلا تَرُدُّوا السّائلَ ولو جاء على فرسٍ" أمّا إعطاء السَّائل من الصّدقَة الواجبة ففرضٌ، وأما إعطاؤه من صلب المال فلا يلزم إلَّا على تفصيلٍ يأتي بيانُه في "كتاب أحكام القرآن" (٢) ولكنَّه يُستَحبُّ في الجملة ألَّا يرجع خائبًا، لئلّا يتعيّن له حقٌّ فيتوجّه على المسؤول عتاب أو عقاب. فإنّ السّؤال قد يكون واجبًا، ومندوبًا. أمّا وجوبُه فللمحتاج، وأمّا نَدبُه فلمن تعينة وتتبيّن حاجتُه إن هو استحيا من ذلك، أو رجاء أن يكون بيانُه أنفع. وقد كَثُر اليوم السّؤال والإلحاف، ولكن لا يتصوَّرُ الإلحاح من السائل إلَّا إذا أُعطِيَ وقبل أن يُعطَى ولو سأل يومه كلّه ما كان مُلِحًّا ولا مُلحِفًا، حتّى لو أُعْطِيَ لا يكون سؤاله بعد الإعطاء إلحاحًا ولا إلحافًا، بشرط أن يأخذ كفايتَهُ.

وقوله: "ولو بِظِلفٍ مُحْرَقٍ" (٣) اختُلِفَ في تأويله:

فقيل: ضرب به مثلًا للمبالغة، كما جاء: "مَن بَنَى للهِ مَسجدًا ولو مثل مِفحَصِ قَطَاة، بنَى الله له بيتًا في الجنّة" (٤).

وقيل: إن الظِّلْفَ المحرقَ كان له عندهم قَدْرُهُ؛ فإنَّهم كانوا يَسهَكُونَهُ (٥) ويسقونه.


(١) انظر مقتبسات من هذا الكلام في العارضة: ٣/ ١٧٠، ١٥٦، ١٧٠.
(٢) انظر: ٩/ ٢٣١.
(٣) جزء من حديث أخرجه ابن أبي شيبة: ٣/ ١١١، وأحمد: ٦/ ٣٨٢، ٣٨٣، والترمذي (٦٦٥)، وأبو داود (١٦٦٤)، والنّسائي: ٥/ ٨٦، والحاكم: ١/ ٤١٧، والبيهقي: ٤/ ١٧٧ عن أمِّ بُجَيد.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٥٥، ٣١٥٦)، والطبراني في الصغير: ٢/ ٢٤٦، وابن حبان (١٦١١)، والبيهقي (٤٠٨٩)، وأبو نعيم في الحلية: ٤/ ٢١٧، والقضاعي في مسند الشهاب (٤٧٩)، قال الهيثمي في المجمع: ٢/ ٧ "رواه البزار والطبراني في الصغير، ورجاله ثقات".
(٥) أي يدقونه دقًّا دون السَّحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>