للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج الفقهاء بهذا الحديث، في أنّ عدد الأحجار في الاستنجاء غير واجب، والدَّليل على ذلك: ما روي عن أبي هريرة؟ أنَّه قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "منِ استجمرَ فلْيُوتِر، ومن فعلَ فقد أحسن، ومن لا فلا حَرَجَ" (١) فدلّ هذا الحديث أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - إنّما أمر بالوتر استحبابًا منه للوِترِ.

مزيد بيان (٢):

واختلَفَ العلماءُ في التَّطيِيبِ، هل هو مِثلُهُ أم لا؟ فكان مالكٌ إذا أراد أنّ يَسْتَجْمِرَ طِيبًا كَسَرَ العُودَ ثلاثًا كي يكونَ وِتْرًا (٣).

ورَوَى بعضُ أصحابنا؛ أنّ أعرابيًا قال له: إنا نسمِّي الحجارة في الغائط استجمارًا، فرجع مالكٌ إليه (٤). ومالك كان أوْسَعَ حَوْصَلَةً من أنّ يكون ذلك الأعرابىُّ يلقِّنُه أنَّ استعمالَ الحجارة هنالك يُسمَّى استجمارًا، وإنّما أصغى إليه مالكٌ؛ لأنّه رآه يقتصِرُ على ذلك الموضع، ولم يَفهم حملَهُ على العُمومِ للَّفظةِ المشتَرَكةِ في الطِّيب والحِجَارة، وكلُّه نظافةٌ واستطابةٌ.

وقال القاضي عبد الوهاب (٥): والاستجمار موضع المسح للحدَثِ بأحجار مشتقّة من الجمار، وهي الحجارة الصِّغار.

تتميم:

قال القاضي أبو محمد عبد الوهّاب: فالاستجمارُ في اللُّغة على ثلاث عبارات:


(١) أخرجه أحمد: ٢/ ٣٧١، والدارمي (٦٦٢)، وأبو داود (٣٣)، وابن ماجه (٣٣٧)، وابن حبان (١٤١٠)، والطبراني في مسند الشاميين (٤٨١)، والبيهقي: ١/ ١٠٤.
(٢) انظره في القبس: ١/ ١٠٠ (ط. الأزهري).
(٣) ذكر سحنون في المجموعة، عن عليّ بن زياد؛ أنّ مالكًا كان يقول في ذلك: أمّا أنا فآخذ العود فاكسره ثلاث كسرات وأتبخّرُ به. عن تفسير الموطَّأ للبوني: الورقة ٢.
(٤) ذكر البوني هذه القصّة في تفسير الموطَّأ الورقة: ٢ وقال: "قال عليّ [بن زياد]: وقوله الأوّل أحبّ إلينا. قال سحنون: ليس كما اختار عليّ بن زياد، والأمر على ما رجع إليه مالكٌ. وقال بعض العلماء: الله أعلم بهذه [القصة] وما أظنُّ أنّ مالكًا خفى عليه مثلُ هذا، إلَّا إنّ كان ذلك ني ابتداء أمره".
(٥) لعله قاله في شرح الرسالة. وانظر الإشراف: ١/ ١٤٠ - ١٤١ (ط. ابن حزم).

<<  <  ج: ص:  >  >>