للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف القائلون في غسل الذَّكَرِ من المَذْيِ، هل يجزئ أنّ يغسل منه ما يغسل من البول، أم لا بدّ من غسل جميعه؟

والخلافُ ينبني على ما تعلَّق الحكمُ بأوّل الاسم أو بآخره؛ لأنّ في بعض الرِّوايات: "يغسل ذَكَره" (١) واسم الذّكَرِ ينطلقُ على البعض والكلِّ.

فقد قالت طائفة (٢) يغسل الذّكَر كلّه من المَذيِ، ويتوضّأ منه مثل وضوء الصّلاة، وروي هذا عن ابن عمر وابن عبّاس، وهو قول مالكٌ في "المدونة" (٣).

وحجّتهم قولُه -عليه السّلام-: "توضأ واغسل ذَكَرك" (٤) وهو ظاهر العموم.

وقال آخرون: إنّما يجب غسل موضع الأذى من الذّكَر فقط مع الوضوء، لا غسل الذَّكَر كلّه، وهذا قول الكوفيِّين، لِمَا رواه الأعمش (٥)، وما رواه أيضًا أبو حصين عن أبي عبد الرحمن؛ قال: قال عليّ: كنت رجلًا مذّاءً فأرسلت إلى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- فقال: "توضَّأ واغسله" (٦).

قال علماؤنا البغداديون من أصحاب مالكٌ: الدّليل على صحَّتِهِ أنَّ مالكًا رَوَى في موطَّئه حديث المقداد في غسل المذي وفيه: "فَليَغسِلْ فَرجَهُ وَليَتَوَضَّأْ" هكذا رواه القَعنَبِيّ (٧) وابن وهب (٨)، وابن بكير (٩)، وجماعة (١٠).


(١) أخرجها مسلم (٣٠٣).
(٢) من هنا إلى آخر النكتة مقتبس من شرح البخاريّ لابن بطّال: ١/ ٣٨٢ - ٣٨٣.
(٣) ١/ ١٠ في ما جاء في سلس البول والمذي.
(٤) أخرجه البخاريّ (٢٩٠)، ومسلم (٣٠٦) من حديث ابن عمر.
(٥) أخرجه ابن خزيمة (١٩) والبزّار في مسنده (٤٥١)، وابن عبد البرّ في الاستذكار: ١/ ٣٠٤ (ط. القاهرة).
(٦) أخرجه بهذا الإسناد ابن خزيمة (١٨)، وابن المنذر في الأوسط: ١/ ١٣٤.
(٧) الّذي في المطبوع من رواية القعنبيّ (٥٦): "فَليَنضَحْ فَرجَهُ وليتوضَّأ" وهو كذلك في مسند الموطَّأ (٣٨٧) عن القعنبيّ.
(٨) رواها عنه ابن خزيمة (٢١)، والبيهقي: ١/ ١١٥ كلاهما بالألفاظ السابقة.
(٩) لوحة ٩/أبالألفاظ السابقة.
(١٠) انظر تعليق بشار عواد معروف على موطَّأ يحيى (٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>