للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُلاَمَسَةِ وقد قال أهل اللُّغة: إنّ الملامسة هي التقاء بَشْرَتَيْن (١).

تحقيق:

قال الإمام الحافظ جرير بن مَسلَمة: حقيقةُ مذهب مالك - رحمه الله - أنّ الملامسة تُوجِبُ الوضوءَ إذا قصد بها اللَّذَّة، من غير اعتبار أنّ يكون الملموس زوجة أو غير زوجة، ولا اعتبار في أيّ عُضْو كان ووقعت الملامسة من اللّامس والملوس.

وذهب المشارقةُ من أصحاب مالكٌ منهم إسماعيل القاضي، والشيخ أبو بكر الأبهري، وأبو الفَرَج المالكي، إلى أنّ المعنى المراعى في ذلك وجود اللَّذَّة بأي عُضوِ كان الملموس واللَّمس.

ثم اختلف هؤلاء على فرقتين: هل ذلك منصوصٌ عنه، أو مقيس عليه على مذهبه؟

فمنهم من قال: هو مَقِيسٌ على مذهبه.

ومنهم من قال: هو منصوصٌ عنه، رواه جماعة.

قال: وإنّما خصّ بباطن الكفّ والأصابع؛ لأنّ اللَّذَّة إنّما تقع بهما في الغالب.

وذهب أبو حنيفة إلى أنّ الملامسة لا تنقض الوضوء، قصد بها اللَّذَّة أو لم يقصد (٢).

ودليله على ذلك؛ أنّ هذا ممّا تعمُّ به البَلْوَى، ولو كان ذلك لما فَعَلَهُ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-.

ودليل آخر: قولُه - صلّى الله عليه وسلم -: "إنَّ القُبْلَةَ لا تنقض الوضوءَ" (٣) وأنّه كان - صلّى الله عليه وسلم - يقبِّلُ وهو صائم ولا يتوضَّأ، هذا مذهب أبي حنيفة.

وأمّا مذهب مالكٌ فلا يوجّه، والملامسةُ عنده تنقض الوضوء، وإلى هذا ذهب أكثر الفقهاء.


(١) يقول المؤلِّف في أحكام القرآن: ١/ ٤٤٣ حقيقة اللّمس: إلصاقُ الجارحة بالشّيء، وهو عرف في اليد؛ لأنّها آلتُه الغالبة، وقد يُستعمل كناية عن الجماع".
(٢) انظر كتاب الأصل: ١/ ٤٧، ومختصر الطحاوي: ١٩، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٦٢، والمبسوط: ١/ ٦٧.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ إسحاق بن راهويه في مسنده (٦٧٣) من حديث عائشة. وانظر نصب الراية: ١/ ٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>