للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يقال: رَجُلٌ رِضى، وقومٌ عَدْلٌ، وإنّما هو على تأويل ذووا أَجنُب، والمصدر يقومُ مقامَ ما أُضِيفَ إليه، ومن العرب من يُثنِّي ويجمعُ ويجعل المصدر بمنزلة اسم الفاعل، وإذا جمع جنب قلت في رجال: جُنُبُون، وفي النِّساء: جُنُبات، وللاثنين: جُنُبَان" وقوله في الحديث: "كنَّا في السَّرِيَّةِ فَأجنبْنَا" (١).

مزيد إيضاح:

وقال (٢): وفي الحديث أنّ عبد الله بن أبي قَيْس قال: سألتُ عائشة - رضي الله عنها - عن وِتْر رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-، وذكر الحديث وقال: قلتُ: كيف كان يصنَعُ في الجَنَابَةِ، أكان يغتسلُ قبل أنّ ينام، أو ينام قبل أنّ يغتسل؛ قالت: كُلٌّ ذلك كان يَفعَل (٣).

قال أبو عبد الله المازَرِي (٤): "يحتملُ أنّ يكون وجه سؤاله عن هذا؛ لأنّ في بعض الأحاديث أنّ الجُنُبَ لا تقربه الملائكة، ومعلومٌ من حاله - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه لا يبقى على حالة تبتعد الملائكة عنه، ألَّا ترى أنّه - صلّى الله عليه وسلم - كان يتقي أكل الثّوم ويتجنّبُهُ، وعلَّلَ ذلك بأنَّ المَلَك يُنَاجِيهِ".

ويحتمل حديث عائشة تأويلات: أحدها أنّ يكون آخر الغُسْلِ عن وقتٍ وَجَبَ عليه فيه الاغتسال لحضور الصّلاة، فيصيرُ حينئذٍ عاصيًا، فلا تقربه الملائكة بعصيانه، ورسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - يتنزّه عن هذا الحال، وهذا تأويل لا يُلتَفَتُ إليه.


(١) أخرجه البخاريّ (٣٣٨)، ومسلم (٣٦٨).
(٢) هذه الفقرة مقتبسة من المعلم بفواند مسلم: ١/ ٢٤٨ - ٢٤٩.
(٣) أخرجه مسلم (٣٠٧).
(٤) في المعلم بفواند مسلم: ١/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>