للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشَّيطان. قال ابنُ حبيب (١): "فمن جَهِلَ وصلَّى ولم يَنْضَح الثَّوب الّذي شكَّ فيه وقد غَسَل ما رَأَى، فإنّ صلاته مجزئة عنه؛ لأنَّ النَّضح في هذا استطهارٌ من بعد الغُسلِ لتطِيب النَّفسُ، فمن جَهِلَهُ فتركه لم ينقض ذلك صلاتَه، وكذلك سمعت مُطَّرِّفًا يقول". وقال عيسى في "تفسير ابن مُزين": يُعيدُ في الوقتِ.

نكتةٌ أصولية:

قوله (٢): "فغَسَل ثَوبَهُ" من فعل عمر، وقد روي عن النّبيِّ صلّى الله عليه من حديث عائشة أنّها قالت: كنت أغسِلُ الجَنَابَةَ مِنْ ثوبِ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم -، فَيَخْرُجُ إلى الصَّلاةِ وإنَّ بُقَعَ الماءِ في ثَوْبِهِ (٣).

اختلف العلماءُ (٤) في المنىِّ هل هو نجسٌ أو طاهر؛ فمذهب مالكٌ (٥) والليث والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة (٦) أنّه نجس، إلَّا أنّ مالكًا - رحمه الله - لا يجزىء عنده في رطبه إلَّا الغُسْل (٧)، والفَركُ (٨) عنهده باطلٌ. وعند أبي حنيفة يُغسَل رطبه، ويُفرَك يابِسُه. وقال الثّوريّ: إنّ لم يَفرُكه من ثوبه أجزأته صلاته. وممّن رأى الفَرك سعد بن أبي وقّاص وابن عبّاس.

قال الإمام (٩): وحُجَّةُ الّذين قالوا بنجاسته قول عائشة: كنت أغسلُ الجَنَابَةِ من ثَوبِ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-. الحديث.


(١) في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١١ [١/ ٢٠٠].
(٢) أي قول سليمان بنيسار في حديث الموطَّأ (١٢٣) رواية يحيى.
(٣) أخرجه البخاريّ (٢٢٩)، ومسلم (٢٨٩).
(٤) من هنا إلى آخر هذه النكتة الأصولية مقتبس من شرح البخاريّ لابن بطّال: ١/ ٣٤٠ - ٣٤٣.
(٥) انظر الأشراف: ١/ ١٠٤ (ط. تونس)، وعيون المجالس: ١/ ٢٠١.
(٦) انظر مختصر إختلاف العلماء: ١/ ١٣٣، والمبسوط: ١/ ٨١.
(٧) وهو المعتمد عند القاضي في الإشراف: ١/ ١٠٤ (ط. تونس).
(٨) يقول المؤلِّف في العارضة: ١/ ١٧٨ "الفَركُ بفتح الفاء: العرك والحكّ، ويكسرها البعض".
(٩) في شرح ابن بطّال هو من قول الطحاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>