للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموقفُ الثّاني: هو أنّ يكونا اثنين، صلَّيَا خَلْفَهُ، لحديث أنس، قوله: "قمتُ أنا واليتيم وَرَاءَهُ " (١).

الموقفُ الثّالث: أنّ تكون امرأةً صلّت خَلْفَهُ؛ لأنّه إذا كان معه رجُلٌ صلَّتِ المرأةُ خَلْفَهُما، لِمَا تقدَّمَ في حديث أنسٍ. فإن صلَّت المرأةُ بجَنْبِ الإمام، قال أبو حنيفة (٢): تبطلُ صلاته. وهذا باطل؛ لاْنّه إنّ لم يعرف فإنهّا أساءت في موقفها، ولا تبطل صلاة الإمام بذلك ولا صلاتها، وإن عرف بها ونوى ائتمامها، فإنمّا وقعت النية على مقتضى السُّنّة، فإذا خالفت هى السّنّة في نفسها، فلا يتعدَّى فعلها إلى صلاة الإمام، كما لو أحدثت أو تجرَّدَت أو اسْتَدْبَرَت، أو وقف الرَّجُل أمام الإمام، وهو: الموقفُ الرّابعُ.

وحَزَرَ علماؤنا هذا وقالوا: إذا وقفتِ المرأةُ بجَنْبِ الإمام، فإنّها إساءةُ مَوْقِفٍ (٣)، فلا تبطل صلاة الإمام به، كما لو وقف الرّجُلُ أمامه. وعندنا نحن: إذا وقف الرَّجُلُ أمام إمامه صحّت صلاته (٤).

وقال الشّافعيَّ (٥) وأبو حنيفة (٦): تبطل صلاته، كما لو كان واحدًا وقف على يساره. وهو: الموقف الخامس.

والموقف السّادس: أنّ يكونا رَجُلَين وامرأة، صلّا الرّجلان وراء الإمام، والمرأة خَلْف الرّجُلَين كما في حديث أنس.

الموقف السّابع: أنّ يكنّ نساءً لا رَجُلَ فيهنّ، فالموقفُ من خَلْفِه، ولا متعلّق لابن مسعود في حديث سعيد؛ لأنّ قوله: "صلَّى عن يَمِينِهِ ملَكٌ وعن يَسَارِهِ مَلَكٌ"، يحتمل أنّ يريد الملَكين الملازِمَينِ له، فيكونان قد صلّيا معه بحُكم الاشتراك في العبادة، ولزما موقفهما الّذي رتَّبَ اللهُ لهما. ويقال: إنّ ذلك فعل الملائكة، والله أعلم.


(١) أخرجه البخاريّ (٣٨٠)، ومسلم (٦٥٨).
(٢) انظر كتاب الأصل: ١/ ١٨٩، ومختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٦٦، والمبسوط: ١/ ١٨٦.
(٣) في النسخ: "وجوّز" والمثبت من القبس: ٤/ ١٠٩ (ط. هجر).
(٤) نصّ المالكية على أنّ هذه الصّلاة مجزئة مع الكراهة؛ لأنّ اختلاف المقام لا تأثير له في فساد الصّلاة
من جهة المأموم. انظر الإشراف: ١/ ١١٤ (ط. تونس).
(٥) انظر الحاوي الكبير: ٢/ ٣٤١ - ٣٤٢.
(٦) انظر مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>