للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنّها وردت على الازداوج؛ اثنين اثنينِ، قوله: {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} وهذا كلّه مَثْنَى، ويصحّ أنّ تكون مثاني بهذه المعاني كلّها. وقد ذكرنا أنّها سبعٌ، كما ذكرها رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -. وذُكِرَ أيضًا أنّه قال: "سورةُ المُلْكِ ثلاثونَ آية" (١) وتعدِيدُ الآيِ من مُعضِلِ القرآن.

الفقه في أربع مسائل:

المسألة الأولى (٢):

قال علماؤنا (٣): إنْ حملنا الخبرَ على أنّ النَّبىَّ صلّى الله عليه عَلِمَ بصلاةِ أُبِيّ، ففي ذلك مناداةُ (٤) المُصَلِّي، وذلك بالأمر اليسير ممّا لا يشغله في الصّلاة. وقال ابن حبيب: سواءٌ كان في مكتوبة أو نافلة، فامّا إنّ كان كثيرًا لا يَعِيهِ (٥) إلّا مع الإقبال والاشتغال عن صلاته، فلا يجوز؛ ولذلك لم يخبر النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - أُبيًّا في الصّلاة بما أَخْبَرَهُ به بعد الفراغَ منها.

وقال الدّاودي: معنى ذلك أنَّه أَمِنَ على أُبَيّ أنّ يجيبَهُ في الصّلاة لِعِلْمِهِ، وفي هذا نَظَرٌ؛ لأنّ النَّبىَّ قد احتجَّ على أبىّ بَعْدَ إخبارهِ بأنَّه كان يصلِّي، بقوله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} الآية (٦)، وهذا يقتضي أنّ الأمر يقتضي إجابة النّبيّ في حالِ الصّلاة. ويحتمل أنّ يكون جواب أُبيّ النّبيّ لو أجابَ بالتلبية والصّلاة عليه، لا يقطع صلاته، ويكون هذا حُكمًا يختصُّ بالنَّبي -عليه السّلام-؛ لأنّ أُبَيًّا مأمورٌ بإجابته بالتّلبية (٧)، والتّعظيم له والصّلاة عليه من الأذكار الّتي لا تُنَافِي الصّلاة.


(١) أخرجه أحمد: ٢/ ٢٩٩، وعبد بن حميد (١٤٤٥)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (١٢٢)، وأبو داود (١٤٠٠)، وابن ماجه (٣٧٨٦)، والترمذي (٢٨٩١)، والنّسائي في الكبرى (١١٦١٢)، وابن حبّان (٧٨٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٢٥٠٦) من حديث أبي هريرة.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ١/ ١٥٤.
(٣) المقصود هو الإمام الباجي.
(٤) في المنتقى: "أفاد جواز مناداة".
(٥) ع: "لا يعيد"، جـ: "لا يعهد".
(٦) الأنفال: ٢٤.
(٧) في المنتقى: "مأمور بإجَابَتِه، ولأنّ إجابته بالتلببة والتعظيم" وهي أسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>