للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبَّروا عن حقيقة الإيمان فيه: بأنّ العَجْزَ عَنِ الإدراكِ إدراك، ويُسْنِدُونه إلى أبي بكر الصدِّيق - رضي الله عنه -.

ومنهم من قال: تصحُّ معرفَتُه، واختلفوا أيضًا في ذلك:

فمنهم من قال: إنّ الخَلْقَ يتفاوتون في معرفته بحسب تَفَاوُتِ درجاتهم.

ومنهم من قال: إِنَّ الخَلْقَ يتساوونَ في معرفته، من مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، ونبىٍّ مُرْسَلٍ، وَوَلِيٍّ وَصِدِّيق، وقد بيَّنَّا ذلك في مَوْضِعِه.

وأمّا قوله: "وأشهد أنّ محمّدًا رسولُ الله" فإنّه (١) له يشهد حَقًا؛ لأنّه (٢) أقام الدَّليلَ القاطعَ، وهي معجزته العُظمَى الّتي أتَى بها وهي القرآن، فهو يَرَى المعجزة ويشهد بِهَا، بخلاف قوله: "أشهدُ أنّ لا إله إلَّا الله"؛ لأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - ماتَ ومعجزته باقيةٌ (٣)، وهي القرآن عند كلِّ أحَدٍ، بخلاف سائر الأنبياء؛ لأنّهم ماتوا وذهبت معجزاتهم، كعَصَا موسى ومائدة عيسى.

الفقه:

اختلف علماؤنا في صِفَةِ السّلام من الصّلاة، فثبتت (٤) عنه في ذلك أحاديث كثيرة؛ أنّه كان يسلِّم تسليمة واحدة، وهي غير ثابتة. ورُوِيَ عنه أنّه كان يسلِّم تسلمَتَيْن (٥) عن يساره ويمينه، ولم يخرجها البخاريّ وخرَّجها مسلم (٦). وهي أخبار تحتمل التّأويل، والقياس يقتضي إفراد السّلام الّذي يَتَحَلَّل به، وما زاد على ذلك فإنّما هو على حكم الرَّدِّ.

وقالت (٧) طائفة من العلماء: يُسَلِّم تسليمتين عن يمينه وعن يساره، وروي ذلك عن زُمْرَةٍ كريمةٍ من الصّحابة: أبي بكر، وعمر، وعلىّ، وابن مسعود، وعمّار بن


(١) "فإنّه" ساقطة من: غ، جـ.
(٢) م: "فإنّه".
(٣) جـ: "مات وبقيت معجزته".
(٤) من هنا إلى آخر الفقرة مقتبس من المنتقى: ١/ ١٩٦بتصرف يسير.
(٥) غ، جـ: "تسليمتبن تسليمة".
(٦) الحديث (٥٨٢) عن عامر بن سعد عن أبيه.
(٧) من هنا إلى آخر كلامه في الفقه مقتبسٌ بتصرّفٍ من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٤٥٢ - ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>