للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ياسر، وأبي موسى الأشعريّ، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، والبَرَاء بن عَازِب، كلهم عن النَّبيَّ- صلّى الله عليه وسلم -، أسندها الطَّبَريّ (١).

وقالت طائفة: يُسلِّم تسليمة واحدة فقط، وروي ذلك عن ابن عمر، وأنس بن مالكٌ، وعائشة، وسَلَمَة بن الأكْوَع، وطائفة كثيرة من التّابعين، وبهذا قال مالكٌ واللَّيْث، والأوْزَعيّ، ودفعوا أحاديث التَّسليمتَيْن، وقالوا: لا أصل لها.

وقال الأصيلي، حديث أمّ سلمة المذكور في هذا الباب يقتضي تسليمة واحدة. وكذلك حديث ذي اليدين.

وقال المُهَلَّب (٢): لمّا كان السّلام تحليلًا من الصّلاة وعَلَمًا على فراغها، دَلَّتِ التَّسليمةُ الواحدةُ على ذلك، ولو كانت التسليمتان (٣) كَمَالًا، فقد مَضَى العملُ بالمدينة في مسجِد رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - على تسليمة واحدة، فلا يجب مخالفة ذلك.

فإن قيل (٤): فقد رُوِيَ عن أبي بكرٍ وعمر تسليمتين، ومضى عملهما على ذلك في مسجد النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، فكيف يجمع بينهما؟

قلنا: قد روى الطَّبَرِيّ (٥) بِسَنَدٍ مُتَّصلٍ غير منفصل، عن أنس بن مالكٌ قال: صلَّيتُ خَلفَ رسولِ الله وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمان، فكلُّهم كانوا يسلِّمون تسليمة واحدة (٦)، والآخر يَقضِي على الأوَّلِ.

تحقيق (٧):

قال الإمام: القولُ في ذلك عندنا أنّ نقول: كلا الخبرين الوَارِدَيْنِ عن النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -


(١) لعلّه أسند ذلك في تهذيب الآثار.
(٢) هو القاضي الفقيه المحدِّث أبو القاسم بن أحمد بن أبي صُفْرَة الأسدي (ت. ٤٣٥) انظر أخباره في ترتيب المدارك: ٨/ ٣٥، وسير أعلام النبلاء: ٧/ ٥٧٩، وجمهرة تراجم فقهاء المالكية: ٣/ ١٢٧٦.
(٣) في شرح ابن بطّال: "وإن كان في التسليمتين".
(٤) هذا التساؤل من إنشاء ابن العربي.
(٥) لعلّه رواه في تهذيب الآثار.
(٦) رواه ابن عدي في الضعفاء: ٢/ ٢٨.
(٧) هذا التحقيق مقتبس باختصار من شرح البخاريّ لابن بطّال: ٢/ ٤٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>