للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: تكلّموا بكلام خَفِيٍّ (١)، وسألهم النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - فأجابوه، وليس فيه زيادةٌ على ما تقدَّم إلَّا فصلان:

أحدهما: أنّ ذلك كلَّه كان بعد تمام الصّلاة، بخلافِ حديثِ أبي هريرة وعمران، فإنّها (٢) كانت مراجعة في أثناء الصّلاة.

وأمّا الفصلُ الثّاني: سجودُه للرَّكعةِ الزّائدة (٣)، كما سجد في الحديثَيْن المتقدّمَين للسّلام الزّائد.

وأمّا حديثُ ابن بُحَيْنَةَ، ففيه سُقوطُ الجلسة الوُسْطَى، وجَبْرُها بالسُّجودِ كما تقدّم بيانُه، وفيه السُّجود قبلَ السَّلام.

وههنا احتمالانِ نشأ للعلماء منه (٤) نظران:

أحدهما: أنّ النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - تذَّكرَ ههنا (٥) للنّقصان من قِبَلِ نفسه، فسَجَدَ قبلَ السّلام، وفي تلك الأحاديث تذكّر بعد السّلام، فسجد بعد السّلام، ولم يرجع النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - إلى الجلوس الآخر.

٢ - ويحتَمِلُ أنّ يكونَ تَذَكَّر فيما بينهما (٦). وقد رَوَى المُغِيرَةُ بن شُعْبَة، عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - (٧): "أنّه من نَسِيَ الجلسة الوُسطَى، فإن تذكّر قبل أنّ يَستَوي قائمًا، فَلْيَتَمَادَ ولا يَرجِع" (٨). وقيل عنه: "إِنّه يَرجع للجُلوس" "وإن تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنِ استَوىَ قائمًا فَليَتَمَادَ وَلاَ يَرجِع" (٩). وهو المشهور اليوم من المذهب.

وهنا أصلُ التّركيب، اختلف العلماء فيمن (١٠) قاس عليها:

فقال بعضُهم: إنّما تفيدُ هذه الأحاديث التّخيِير للمُكَلَّف أنّ يفعل أيّ ذلك


(١) انظر النهاية في غريب الحديث: ٥/ ١٩٠.
(٢) م، غ: "فإنّهما".
(٣) م: "الثّانية".
(٤) م، غ: "فيه".
(٥) م: "لم يتذكر".
(٦) م: "بعدهما".
(٧) "عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -" زيادة من القبس يقتضيها السِّياق.
(٨) أخرجه عبد الرزاق (٣٤٨٣)، وأبو داود (١٠٣٦)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ١٠/ ١٨٨ - ١٨٩، وانظر تلخيص الجير: ٢/ ٤.
(٩) رواه الدراقطني: ١/ ٣٧٨.
(١٠) جـ: "ممن".

<<  <  ج: ص:  >  >>