للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان أراد أنّ ينقص من صلاته ويفسدها عليه، بإدخال ما ليس منها، والله أعلم.

نكتةٌ أصولية (١):

قال الإمام الحافظ: قد بيَّنَّا في "كتاب المتوسِّط" (٢) و"المقسط" وغيرهما القول في عِصمَة الأنبياء عن السَّهْوِ والخَطَأ والذُّنوب المتعمَّدَة، وبيّنَّا في "كتاب المُشْكِلَيْن" تأويل ما ورد في ذلك من القرآن ظاهرًا، ورَدَدْنَاهُ إلى أصل العِصْمَةِ بالدَّليلِ القاطعِ، وهو الّذي يُدَان الله به، ويحرمُ القولُ بخلافِ العِصْمَةِ. وإن كان النَّاس قد اختلفوا في الذُّنوب المتعلِّقة بالأفعال، فقدِ اتَّفقُوا على أنّ الكذب لا يجوز أنّ يقعَ منهم، لا بسَهْوِ ولا بِعَمْدٍ؛ لأنّ القول هو الّذي يتبيّن به الشّرع فلو جاز أنّ يتطرّق له (٣) خَلَلٌ، لمَا وَقَعَتِ الثِّقةُ فيه بالبيَانِ. فهذا ثبت هذا، فلا بدّ من الكلام على هذا المعنى، وهو ينبني على ثلاث قواعد:

القاعدةُ الأُولَى (٤):

قال القاضي أبو بكر بن الطَّيِّب (٥): أجمع الأيِمَّةُ من علماء المسلمين على عِصْمَةِ الأنبياء من الفَوَاحِشِ والكبائر والمُوبِقَاتِ، وهو مُستَنَدُ الجمهورِ، ومعهم على ذلك دليل العقل من الإجماع (٦).

وأمّا الصّغائر، فجوَّزَها جماعةٌ من السَّلَفِ وغيرُهم على الأنبياء، وهو مذهب أبي جعفر الطَّبريِّ وغيرِه من المُفَسِّرين والفقهاء والمُحَدِّثِين، وقول قلائل من (٧) المتكلِّمين، وسنذكر ما احتجُّوا به في مَوْضِعِه.


(١) انظرها في القبس: ١/ ٢٤٨.
(٢) انظر الورقة ١١٧/ أ [مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم: ٢٩٦٣].
(٣) غ، جـ: "به" وفي القبس: "إليه".
(٤) هذه القاعدة مقتبسة - بتصرف- من الشِّفا للقاضي عياض: ٢/ ٢١٥ - ٢١٧. وكان حقّ المؤلِّف أنّ يذكر في بداية القاعدة اسم القاضي عياض بدل ذِكْرِه -على فرْضِ ثبوته عنه - اسم الباقلاني، ولا نستعدُ وقوعَ التصحيف من النُّسَّاخِ.
(٥) توسّع الإمام الباقلاني فيَ الكلام على موضع عصمة الأنبياء في كتابه الماتع "البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسِّحر" طبع قسم منه في بيروت سنة: ١٩٥٨بتحقيق رتشرد المكارثي.
(٦) الّذي في الشِّفا: " ... والموبقات، ومُسْتنَدُ الجمهور في ذلك الّذي ذكرناه، وهو مذهبُ القاضي أبي بكر - رحمه الله - ومنعها غيرُه بدليل العقل مع الإجماع".
(٧) قوله "قلائل من، من إضافات المؤلِّف على نصّ الشِّفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>