للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أكاد أعقل أنه يروي كل حرف من هذه التفاسير عنهم جميعًا.

فهو كتاب مؤلف في التفسير، مرجع ما فيه إلى الرواية عن هؤلاء، في الجملة، لا في التفصيل. إنما الذي أوقع الناس في هذه الشبهة، تفريق هذه التفاسير في مواضعها، مثل صنيع الطبري بين أيدينا، ومثل صنيع ابن أبي حاتم، فيما نقل الحافظ ابن حجر، ومثل صنيع الحاكم في "المستدرك". فأنا أكاد أجزم أن هذا التفريق خطأ منهم, لأنه يوهم القارئ أنَّ كل حرف من هذه التفاسير مرويٌّ بهذه الأسانيد كلها؛ لأنهم يسوقونها كاملة عند كل إسناد، والحاكم يختار منها إسنادًا واحدًا يذكره عند كل تفسير منها يريد روايته. وقد يكون ما رواه الحاكم -مثلًا- بالإسناد إلى ابن مسعود، ليس مما روى السدي عن ابن مسعود نصًا. بل لعله مما رواه من تفسير ابن عباس، أو مما رواه عن ناس من الصحابة، وروى عن كل واحد منهم شيئًا، فأسند الجملة، ولم يسند التفاصيل.

ولم يكن السدي ببدع في ذلك، ولا يكون هذا جرحًا فيه ولا قدحًا.

إنما يري وإسناد هذه التفاسير إلى الصحابة بعضها عن ابن عباس وبعضها عن ابن مسعود، وبعضها عن غيرهما منهم.

وقد صنع غيره من حفاظ الحديث وأئمته نحوًا مما صنع، فما كان ذلك بمطعن فيهم، بل تقبلها الحفاظ بعدهم، وأخرجوها في دواوينهم.

* ويحضرني الآن من ذلك صنيع معاصره: ابن شهاب الزهري الإِمام.

* فقد روى قصة حديث الإفك، فقال: "أخبرني سعيد بن المسيب، وعُروة

<<  <  ج: ص:  >  >>