"كشف الوجيعة ببيان حال ابن لهيعة"، فلله الحمدُ. بذل الإحسان ١/ ٦٢
[حديث رواه: قُتَيبَةَ بنِ سعيدٍ، ثنا عبد الله بنُ لَهِيعَةَ، عن عبد الرَّحمن بنِ زِيَادِ بنِ أَنعُمَ الإِفرِيقِيِّ، عن أبي عبد الرَّحمن الحُبُلِيِّ، عن عبد الله بنِ عمرو مرفوعًا: سبعةٌ لا يَنظُرُ اللهُ إليهم يوم القيامة، ولا يُزَكِّيهم، ويقول: ادخُلُوا النَّار مع الدَّاخِلين: الفاعلُ والمفعُولُ به، والنَّاكِحُ يدَهُ، وناكحُ البَهِيمَة، وناكحُ المرأةِ في دُبُرِها، وجامعٌ بين المرأة وابنَتِها، والزَّانِي بحَلِيلَةِ جارِه، والمُؤذِي لِجارِهِ حتَّى يَلعَنَه- وعند أبي اللَّيث: حتَّى يَلعنَهُ النَّاسُ. . وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جِدًّا]
* قال شيخنا: ومِن آفة الاختصارِ أنَّ الحافِظَ ضَعَّفَ هذا الحديثَ بابن لَهِيعَةَ وَحدَهُ، كما في التَّلخيص، فاغتَرَّ بذلك أبو الفَضلِ الغُمَارِيُّ، فذَهَبَ يُقَوِّي الحديثَ بأوجُهٍ من الجوابِ، فقال في (الاستقصاء لأدِلَّةِ تحريمِ الاستِمنَاء) -وهو كتابٌ جيّدٌ-، قال (ص ٣٦):
* الوجه الثَّاني: أنَّ هذا الحديثَ لَهُ طريقٌ آخرُ. فقد ذَكَرَ الحافظُ في التَّلخِيص أنَّ أبا الشَّيخِ، وجَعفَرًا الفِريَابِيَّ روياه مِن طريق أبي عبد الرَّحمن الحُبُلِيِّ، عن عبد الله بن عمرو. وفيه ابنُ لَهِيعَةَ، وهو حَسَنُ الحديث في المُتابَعَاتِ، كما قال الحافظُ الهَيثَمِيُّ في غيرِ موضعٍ مِن مَجمَع الزَّوائِد، بل حَسَّن له أحاديثَ تَفَرَّد بها. ولو شِئنَا أن نَغلُوَ كما غَلا بعضُ المُعاصِرين، حيثُ ادَّعَى أنَّ ابنَ لَهِيعَةَ ثِقَةٌ ثَبْت حُجَّةٌ، لقُلنَا إنَّ الحديثَ مِن هذا الطَّرِيق على شَرطِ الصَّحيح. لكن يَمنَعُنَا من ذلك ما في ابنِ لَهِيعَةَ مِنَ الكَلامِ عِند أهلِ الحَدِيث، وإن لم يُتَّهَم بفِسقٍ ولا كَذِبٍ، وأَكثَرُ ما ضُعِّفَ به اختلاطُهُ بعد احتراق كُتُبِه. أمَّا هو فَصَدُوقٌ. وقد بَيَّن حالَهُ شقيقُنَا الحافظُ أبو الفَيضِ في (إِبراز الوَهمِ المَكنُون)، وذَكَرَ أنَّ عَمَلَ المُحَدِّثين استَقرَّ على تَحسِينِ أحاديثهِ. فبانضِمَامُ هذين الطَّرِيقَينِ يَكُونُ الحديثُ مِن قَبِيلِ الحَسَنِ لغَيرِهِ، وهو حُجَّةٌ بلا نزاعٍ. انتهَى.