٢- ثم أمر الله بنسبة الأولاد المتبين إلى آبائهم الذين تولدوا من أصلابهم إن كانوا معروفين، فإن لم يعرف آباؤهم الذين هم من أصلابهم فهم أخوة في الدين، وموال لمن تبناهم ولغيرهم، وحرم سبحانه أن ينسب الولد إلى ما تبناه نسبة حقيقة بل حرم على الولد نفسه أن ينتسب إلى غير أبيه الحقيقي إلا إذا سبق هذا إلى اللسان خطأ فلا حرج فيه، وبين سبحانه أن هذا الحكم هو محض العدالة لما فيه من الصدق في القول، وحفظ الأنساب والأعراض، وحفظ الحقوق المالية لمن هو أولى بها، قال تعالى {وما جعل أدعياءكم أبناءكم، ذلك قولكم بأفواهم والله يقول الحق وهو يهدي إلى السبيل، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيما} وقال صلى الله عليه وسلم {من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة} رواه أبو داود.
٣- وبقضائه سبحانه وتعالى على التبني {أي البنوة الادعائية التي لا حقيقة لها} قضى على ما كان له من أحكام زمن الجاهلية، واستمرت في صدر الإسلام.
أ) فقضى على التوارث بين المتبني ومتبناه بهذه البنوة التي لا حقيقة لها. وجعل لكل منهما أن يبر الآخر في حياته بالمعروف، وأن يبره بوصية يستحقها بعد وفاة الموصى على ألا تتجاوز ثلث مال الموصي، وبينت الشريعة أحكام الموارث ومستحقيها تفصيلاً، وليس المتبني ولا متبناه من بين المستحقين للإرث في هذا التفاصيل، وبين تعالى إجمالاً أيضاً المواريث البر والمعروف فقال تعالى {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين، ألا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} .
ب) وأباح الله للمتبني أن يتزوج زوجة متبناه بعد فراقه إياها، وقد كان محرما في زمن الجاهلية وبدأ في ذلك برسوله، - صلى الله عليه وسلم -، ليكون أقوى في الحل، وأشد في القضاء على عادة أهل الجاهلية في تحريم ذلك قال تعالى {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا، وكان أمر الله مفعولا} فتزوج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زينب بنت جحش بأمر الله بعد أن طلقها زوجها.