للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت سؤال الميت في قبره، وثبوت نعيمه فيه أو عذابه حسب عقيدته وعمله، بما لايدع مجالا للشك في ذلك. ولم يعرف عن الصحابة رضى الله عنهم في ثبوت ذلك خلاف، ولذا قال بثبوته أهل السنة والجماعة. ومما ورد في ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سنته والحاكم وأبو عوانة الأسفرائيني في صحيحهما عن البراء بن عازب، رضى الله عنه قال كنا في جنازه في بقيع الغَرقد فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله كأنَّ على رؤوسنا الطير وهو يلحد له فقال " أعوذ بالله من عذاب القبر) " ثلاث مرات، ثم قال " إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخر وانقطاع من الدنيا، نزلت إليه الملائكة كأنَّ على وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة، فجلسوا منه مدَّ البصر ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه " فيقول (يا أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان) قال (فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين. حتى يأخذوها فيجعلوها فبي ذلك الكفن وذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجدت على وجه الأرض. قال فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون فلا بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها الدينا، حتى ينتهوا بها إلى السماء فيستفتحون له فيُفتح له، فيُشيِّعه من كل سماء مُقرَّبوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عِليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول ربي الله. فيقولان له ما دينك؟ فيقول ديني الاسلام. فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله فيقولان له ما علمك؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة. وافتحوا له باباً إلى الجنة. قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره. قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرُّك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير. فيقول أنا عملك الصالح. فيقول يارب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي. قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسُوح فيجلسون منه مد البصر، ثم يجىء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال فتتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع

<<  <  ج: ص:  >  >>