لا يدخلون في اسم المشركين عند الإطلاق لم تشمهلم هذه الآية ولما ذكر - سبحانه - عقيدة اليهود والنصارى في سورة براءة قال بعد ذلك " وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ". فوصفهم جميعاً بالشرك لأن اليهود قالوا عزيز ابن الله، والنصارى قالوا المسيح ابن الله، ولأنهم جميعاً اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله وهذا كله من أقبح الشرك والآيات في هذا المعنى كثيرة، والوجه الثاني أن آية المائدة مخصصة لأيه البقرة والخاص يقضي على العام ويقدم عليه كما هو معروف في الأصل، وهو مجمع عليه في الجملة، وهذا هو الصواب، وبذلك يتضح أن المحصنات من أهل الكتاب حل للمسلمين غير داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن عند جمهور أهل العلم بل هو كالإجماع منهم لما تقدم في كلام صاحب المغني، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء عنهن بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل لما جاء في ذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وابنه عبد الله وجماعة من السلف الصالح - رضي الله عنهم - لأن نكاح نساء أهل الكتاب فيه خطر ولا سيما في هذا العصر الذي استحكمت فيه غربة الإسلام، وقل فيه الرجال الصالحون الفقهاء في الدين وكثر فيه الميل إلى النساء والسمع والطاعة لن في كل شيء إلا ما شاء اله فيخشى على الزوج أن تجره زوجته الكتابية إلى دينها وأخلاقها كما يُخشى على أولادهما من ذلك، والله المستعان فإن قيل فما وجه الحكمة في إباحة المحصنات من أهل الكتاب للمسلمين وعدم إباحة المسلمات للرجال من أهل الكتاب، فالجواب عن ذلك، والله أعلم أن يقال إن المسلمين لما آمنوا بالله وبرسله وما أنزل عليهم ومن جملتهم موسى بن عمران وعيسى بن مريم - عليهما الصلاة والسلام - ومن جملة ما أنزل على الرسل التوراة المنزلة على موسى والإنجيل المنزل على عيسى لما أمن المسلمون بهذا كله أباح الله لهم نساء أهل الكتاب المحصنات فضلاً منه عليهم وإكمالاً لإحسانه إليهم ولما كفر أهل الكتاب بمحمد، - صلى الله عليه وسلم -، وما أنزل عليه من الكتاب العظيم وهو القرآن حرم الله عليهم نساء المسلمين حتى يؤمنواً بنبيه ورسوله محمد، - صلى الله عليه وسلم -، خاتم الأنبياء والمرسلين فإذا آمنوا به حل لهم نساؤنا وصار لهم ما لنا وعليهم ما علينا والله - سبحانه - هو الحكم العدل البصير بأحوال عباده العليم بما يصلحهم الحكيم فيم كل شيء تعالى وتقدس وتنزه عن قول الضالين والكافرين