كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ". وسائر القرآن يفصل بينهما فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب، وهذا معنى قول سعيد بن جبير وقتادة، ولأن ما احتجوا به عام في كل كافرة وأيقنا خاصة في حل أهل الكتاب، والخاص يجب تقديمه، إذا ثبت هذا فالأولى أن لا يتزوج كتابية لأن عمر - رضي الله عنه - قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب طلقوهن فطلقوهن إلا حذيفة فقال له عمر طلقها، قال تشهد أنها حرمام؟ قال هي خمرة طلقها، قال تشهد أنها حرام؟ قال هي خمرة قال علمت أنها خمرة ولكنها إلى حلال، فلما كان بعد طلقها فقيل له ألا طلقتها حين أمرك عمر؟ قال كرهت أن يرى الناس أن ركبت أمراً لا ينغي لي؛ ولأنه ربما مال إليها قلبه فتفتنه وربما كان بينهما ولد فيميل إليها، انتهى كلام صاحب المغنى - رحمه الله -.
والخلاصة مما ذكره الحافظ ابن كثير وصاحب المغنى - رحمة الله عليهما - أنه لا تعارض بين قوله - سبحانه - في سورة البقرة " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " الآية، وبين قوله - عز وجل - في سورة المائدة " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ". الآية. لوجهين أحدهما أن أهل الكتاب غير داخلين في المشركين عند الإطلاق؛ لأن الله - سبحانه - فصل بينهم في آيات كثيرات مثل قوله - عز وجل - " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ". الآية، وقوله - سبحانه - " إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها ". الآية وقوله - عز وجل - " ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ". الآية، إلى غير ذلك من الآيات المفرقة بين أهل الكتاب والمشركين، وعلى هذا الوجه لا تكون المحصنات من أهل الكتاب داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن في سورة البقرة، فلا يبقى بين الآيتين تعارض وهذا القول فيه نظر، والأقرب أن أهل الكتاب داخلون في المشركين والمشركات عند الإطلاق رجالهم ونساؤهم لأنهم كفار مشركون بلا شك، ولهذا يمنعون من دخول المسجد الحرام لقوله - عز وجل - " يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ". الآية ولو كان أهل الكتاب