للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَالِحَيْنِ أَمْ فَاسِقَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَالِحًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ.

(وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ مَعَ الْبَشَاشَةِ) بِالْوَجْهِ (وَالدُّعَاءِ) بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا (لِلتَّلَاقِي) فِي الثَّلَاثَةِ لِلْخَبَرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ آنِفًا وَلِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِخَبَرِ أَنَّ «الْمُسْلِمَيْنِ إذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا وَتَكَاشَرَا بِوُدٍّ وَنَصِيحَةٍ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا بَيْنَهُمَا» وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ تَعَالَى وَاسْتَغْفَرَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا» قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ مُصَافَحَةِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَسِّ.

(وَلَا أَصْلَ لَهَا) أَيْ لِلْمُصَافَحَةِ (بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَ) لَكِنْ (لَا بَأْسَ بِهَا) فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا.

(وَإِنْ قَصَدَ بَابًا مُغْلَقًا) لِغَيْرِهِ (فَالسُّنَّةُ أَنْ يُسَلِّمَ) عَلَى أَهْلِهِ (ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ) فَيَقُولَ وَهُوَ عِنْدَ الْبَابِ بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُ إلَى مَنْ بِدَاخِلِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ رَوَاهُ هَكَذَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ إلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ (فَإِنْ أُجِيبَ) فَذَاكَ (وَالْأَرْجَحُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَك وَإِلَّا فَارْجِعْ» (فَإِنْ قِيلَ) لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ بِدَقِّ الْبَابِ أَوْ نَحْوِهِ (مَنْ أَنْتَ فَلْيَقُلْ) نَدْبًا (فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ) أَوْ فُلَانُ الْمَعْرُوفُ بِكَذَا أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ التَّامُّ بِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ) أَوْ يَقُولَ الْقَاضِي ك فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَبْجِيلًا لَهُ (لِيُعْرَفَ) أَيْ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطَبُ إلَّا بِهِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَعَتْ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ الِافْتِخَارِ (وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ) فِي التَّعْرِيفِ (عَلَى) قَوْلِهِ (أَنَا أَوْ الْخَادِمُ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِهِ كَالْمُحِبِّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَقَقْت الْبَابَ فَقَالَ مَنْ ذَا فَقُلْت أَنَا فَقَالَ أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَهَا» .

(وَتُسَنُّ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْجِيرَانِ) غَيْرِ الْأَشْرَارِ (وَالْإِخْوَانِ) وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامِهِمْ (بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ) عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ فَتَخْتَلِفُ زِيَارَتُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ.

(وَ) تُسَنُّ (اسْتِزَارَتُهُمْ) بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجِبْرِيلَ مَا يَمْنَعُك أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: ٦٤] » .

(وَ) تُسَنُّ (عِيَادَةُ الْمَرْضَى) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى نَادَاهُ مُنَادٍ بِأَنْ طِبْت وَطَابَ مَمْشَاك وَتَبَوَّأْت مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا» .

(وَأَنْ يَضَعَ الْعَاطِسُ) أَيْ الَّذِي جَاءَهُ الْعُطَاسُ (يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ) أَوْ نَحْوَهُ (عَلَى وَجْهِهِ وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ) مَا أَمْكَنَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ خَبَرًا «أَنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ» (وَ) أَنْ (يَحْمَدَ اللَّهَ) عَقِبَ عُطَاسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ فَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَانَ أَحْسَنَ وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ أَفْضَلَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَيَقُولُ هُوَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» .

(وَإِنْ كَانَ) الْعَاطِسُ (فِي صَلَاةٍ أَسَرَّ بِهِ) أَوْ فِي حَالَةِ الْبَوْلِ أَوْ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوِهِمَا حَمِدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَتْ الْأُولَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ.

(فَإِنْ حَمِدَ) اللَّهَ (شُمِّتَ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا سُنَّ تَشْمِيتُهُ لِكُلِّ مَرَّةٍ (إلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ لِتَكَرُّرِ السَّبَبِ وَفِيهِ خَبَرٌ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ (ثُمَّ) إنْ زَادَ عَلَيْهَا (يُدْعَى لَهُ بِالشِّفَاءِ وَيُذَكَّرُ بِالْحَمْدِ إنْ تَرَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْرُوفٍ وَلَا يُشَمِّتُهُ حَتَّى يَسْمَعَ تَحْمِيدَهُ وَأَقَلُّ الْحَمْدِ والتَّشْمِيتِ وَجَوَابِهِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ صَاحِبُهُ وَإِذَا قَالَ الْعَاطِسُ لَفْظًا آخَرَ غَيْرَ الْحَمْدِ لَمْ يُشَمَّتْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا تُشَمِّتُوهُ» صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ.

(فَإِنْ شُمِّتَ قَالَ) نَدْبًا لِمُشَمِّتِيهِ (يَهْدِيكُمْ اللَّهُ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ) أَوْ نَحْوِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وغَيْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي أَنَّ هَذَا سُنَّةٌ، وَرَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ أَنَّ التَّشْمِيتَ لِلْعُطَاسِ وَلَا عُطَاسَ بِالْمُشَمِّتِ وَالتَّحِيَّةُ تَشْمَلُ الطَّرَفَيْنِ وَفِي حُصُولِ الْفَرْقِ بِمَا قَالَهُ نَظَرٌ.

(وَالتَّشْمِيتُ) لِلْمُسْلِمِ (يَرْحَمُك اللَّهُ) أَوْ رَبُّك لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْآتِي وَكَيَرْحَمُكَ اللَّهُ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ وَرَحِمَك اللَّهُ وَرَحِمَكُمْ اللَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ.

(وَهُوَ) أَيْ التَّشْمِيتُ (سُنَّةُ كِفَايَةٍ) كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ.

(وَ) التَّشْمِيتُ (لِلْكَافِرِ يَهْدِيك اللَّهُ) وَنَحْوُهُ لَا يَرْحَمُك اللَّهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

(وَيُسَنُّ رَدُّ التَّثَاؤُبِ) مَا اسْتَطَاعَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَرَزَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطَبُ إلَّا بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا إلَخْ) لَوْ عَطَسَ مَرَّاتٍ مُتَتَابِعَةً صَبَرَ حَتَّى فَرَغَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ يَقُولُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَتَكْفِيهِ مَرَّةٌ وَلَوْ عَطَسَ عَشْرًا

(قَوْلُهُ: وَالتَّشْمِيتُ يَرْحَمُك اللَّهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُقَالُ لِلصَّغِيرِ أَصْلَحَك اللَّهُ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ فِيك

<<  <  ج: ص:  >  >>