للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمِينَ بِهِجْرَتِهِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُهَاجِرَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَقَاتَلَهُمْ) عَلَى الْإِسْلَامِ (إنْ قَدَرَ) وَإِلَّا فَلَا.

(وَعَلَى الْأَسِيرِ) وَلَوْ مُخْلًى وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ (الْهَرَبُ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ لِخُلُوصِهِ بِهِ مِنْ قَهْرِ الْأَسْرِ فَوَصْفُ الْأَصْلِ الْأَسِيرَ بِالْمَقْهُورِ بَيَانٌ لِحَقِيقَتِهِ لَا لِإِخْرَاجِ أَسِيرٍ غَيْرِ مَقْهُورٍ وَتَقْيِيدِي بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْقَمُولِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْهِجْرَةِ لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَمْ لَا وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ.

(وَإِنْ أَطْلَقُوهُ) مِنْ الْأَسْرِ (بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ) قَتْلًا وَسَبْيًا وَأَخْذًا لِلْمَالِ إذْ لَا أَمَانَ.

(وَإِنْ أَطْلَقُوهُ عَلَى أَنَّهُ آمِنٌ) مِنْهُمْ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (اغْتِيَالُهُمْ) وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْهُمْ وَكَذَا إنْ أَمَّنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنُوهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْأُمِّ مَا لَوْ قَالُوا أَمَّنَّاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك وَلَوْ تَبِعَهُ قَوْمٌ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَلَهُ قَصْدُهُمْ وَقَتْلُهُمْ فِي الدَّفْعِ بِكُلِّ حَالٍ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(أَوْ) أَطْلَقُوهُ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْهُمْ وَحَلَّفُوهُ مُكْرَهًا) عَلَى ذَلِكَ (وَلَوْ بِالطَّلَاقِ خَرَجَ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَحَرُمَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَالْيَمِينِ لَا تُبِيحُ لَهُ الْإِقَامَةَ حَيْثُ حَرُمَتْ (وَلَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينِهِ (وَإِنْ حَلَفَ لَهُمْ تَرْغِيبًا) لَهُمْ لِيَثِقُوا بِهِ وَلَا يَتَّهِمُوهُ بِالْخُرُوجِ (بِلَا شَرْطٍ) مِنْهُمْ (وَلَوْ) كَانَ حَلِفُهُ (قَبْلَ الْإِطْلَاقِ حَنِثَ) بِخُرُوجِهِ لِانْعِقَادِ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ شَرْطٌ بِأَنْ قَالُوا: لَا نُطْلِقُك حَتَّى تَحْلِفَ أَنَّك لَا تَخْرُجُ فَحَلَفَ فَأَطْلَقُوهُ فَخَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ أَخَذَ اللُّصُوصُ رَجُلًا وَقَالُوا: لَا نَتْرُكُك حَتَّى تَحْلِفَ أَنَّك لَا تُخْبِرُ بِمَكَانِنَا فَحَلَفَ ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَكَانِهِمْ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ يَمِينُ إكْرَاهٍ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا شَرْطٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ.

(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اغْتِيَالُهُمْ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُ.

(وَلَهُ) عِنْدَ خُرُوجِهِ (أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ) وَجَدَهُ عِنْدَهُمْ (لِيَرُدَّهُ) عَلَيْهِ (وَلَوْ أَمَّنَهُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَى الْحَرْبِيِّ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَخَذَهُ شَخْصٌ مِنْ الْغَاصِبِ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ فَأُدِيمَ حُكْمُهُ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَإِنْ الْتَزَمَ) لَهُمْ قَبْلَ خُرُوجِهِ (مَالًا) فِدَاءً (وَهُوَ مُخْتَارٌ) لَا مُكْرَهٌ (أَوْ أَنْ يَعُودَ) إلَيْهِمْ بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (الْعَوْدُ) إلَيْهِمْ (وَاسْتُحِبَّ) لَهُ (الْوَفَاءُ بِالْمَالِ) الَّذِي الْتَزَمَهُ لِيَعْتَمِدُوا الشَّرْطَ فِي إطْلَاقِ الْأَسْرَى وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِغَيْرِ حَقٍّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَالُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِمْ فِدَاءٌ لَا يَمْلِكُونَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ.

(وَإِنْ بَايَعَهُمْ لَزِمَ الثَّمَنُ إنْ صَحَّ الْبَيْعُ) كَمَا لَوْ بَايَعَ مُسْلِمًا (وَإِلَّا رَدَّ الْعَيْنَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ الْأَسِيرُ شَيْئًا لِيَبْعَثَ إلَيْهِمْ ثَمَنَهُ أَوْ اقْتَرَضَ فَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ أَوْ مُكْرَهًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ وَيَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ كَمَا لَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا عَلَى الشِّرَاءِ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَجْرِ لَفْظُ بَيْعٍ بَلْ قَالُوا: خُذْ هَذَا وَابْعَثْ إلَيْنَا كَذَا مِنْ الْمَالِ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ مُكْرَهٌ.

(وَإِنْ وَكَّلُوهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ) لَهُمْ (بِدَارِنَا بَاعَهُ وَرَدَّ ثَمَنَهُ) إلَيْهِمْ.

(فَرْعٌ) لَوْ (تَبَارَزَا) أَيْ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِدُونِهِ (بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِعَانَةِ) أَيْ أَنْ لَا يُعَيِّنَ الْمُسْلِمُونَ الْمُسْلِمَ وَلَا الْكُفَّارُ الْكَافِرَ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ (أَوْ) بِغَيْرِ شَرْطٍ لَكِنْ (كَانَ) عَدَمُ الْإِعَانَةِ (عَادَةً فَقَتَلَ) الْكَافِرُ (الْمُسْلِمَ أَوْ وَلَّى أَحَدُهُمَا) مُنْهَزِمًا (أَوْ أَثْخَنَ الْكَافِرُ قَتَلْنَاهُ) جَوَازًا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ كَانَ لِانْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَقَدْ انْقَضَى وَإِنْ شُرِطَ أَنْ لَا يُتَعَرَّضَ لِلْمُثْخَنِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(وَإِنْ شَرَطَ الْأَمَانَ إلَى دُخُولِهِ الصَّفَّ وَفَّى) لَهُ (بِهِ) وُجُوبًا.

(وَإِنْ فَرَّ الْمُسْلِمُ) عَنْهُ فَتَبِعَهُ لِيَقْتُلَهُ (أَوْ أَثْخَنَ) أَيْ أَثْخَنَهُ الْكَافِرُ (مَنَعْنَاهُ) مِنْ قَتْلِهِ وَقَتَلْنَاهُ (وَإِنْ خَالَفَ الشَّرْطَ) أَيْ شَرْطَ تَمْكِينِهِ مِنْ إثْخَانِهِ لِنَقْضِهِ الْأَمَانَ فِي الْأُولَى وَانْقِطَاعِ الْقِتَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ شَرَطَ لَهُ التَّمْكِينَ مِنْ قَتْلِهِ فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَهَلْ يَفْسُدُ بِهِ أَصْلُ الْأَمَانِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.

(وَإِنْ أَعَانَهُ أَصْحَابُهُ قَتَلْنَاهُمْ) مُطْلَقًا (وَقَتَلْنَاهُ أَيْضًا إنْ رَضِيَ) بِإِعَانَتِهِمْ لَهُ بِأَنْ اسْتَنْجَدَهُمْ أَوْ لَمْ يَسْتَنْجِدْهُمْ لَكِنْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْضَ بِأَنْ مَنَعَهُمْ فَلَمْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَاتِلْهُمْ) أَيْ وُجُوبًا

(قَوْلُهُ: فَوَصْفُ الْأَصْلِ الْأَسِيرَ بِالْمَقْهُورِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ حَذَفَ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ لَفْظَةَ الْمَقْهُورِ وَهُوَ الْأَجْوَدُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ غَيْرَ الْمَقْهُورِ الْهَرَبُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ) عِبَارَتُهُ وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ إذَا أَمْكَنَتْهُ إقَامَةُ شِعَارِ الشَّرِيعَةِ قَالَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ مُنْتَهَرٌ مُهَانٌ (قَوْلُهُ: جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ) لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْأَسِيرِ وَعِبَارَتُهُ يَجِبُ عَلَى الْأَسِيرِ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمٌ مُسْتَضْعَفٌ فِيهَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ اهـ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُمْكِنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْهُمْ أَوْ لَا قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَأَمْكَنَهُ إقَامَةُ شِعَارِ الشَّرِيعَةِ جَازَ لَهُ الْمُقَامُ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَمْ لَا) تَخْلِيصًا لِنَفْسِهِ مِنْ رِقِّ الْأَسْرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ: قَتَلَهُمْ بِكُلِّ حَالٍ إلَخْ) لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلدَّفْعِ لَيْسَ اغْتِيَالًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ الْعَهْدُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُمْ لِأَجْلِ الدَّفْعِ فَيُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الصَّائِلِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ جَوَازُ الِاغْتِيَالِ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ الْأَمَانُ بِذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي بَابِ الْهُدْنَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَرَاوِزَةِ لِأَنَّهُمْ بِطَلَبِهِ نَاقِضُونَ لِلْعَهْدِ مَعَهُ وَصَرَّحَ الْكُلُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِغَيْرِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فس

(قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَزَمَ مَالًا فِدَاءً) بِأَنْ عَاقَدَهُمْ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُمْ إلَخْ) مَا عَبَّرَ بِهِ هُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ

(قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَصْلُ) هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ شَرَطَ الْأَمَانَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَهَلْ يَفْسُدُ بِهِ أَصْلُ الْأَمَانِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَفْسُدُ وَكَتَبَ أَوَّلًا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَسَادِ وَهُوَ الْأَصَحُّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعَانَهُ أَصْحَابُهُ) أَيْ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>