للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْتَنِعُوا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِدُونِ مَا ذُكِرَ بَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَبِالْعَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الْمُبَارَزَةَ عَظِيمَةُ الْوَقْعِ وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِأَنْ يَأْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ قَرْنِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطْ عَدَمَ الْإِعَانَةِ وَلَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ مُطْلَقًا.

(فَصْلٌ) لَوْ (عَاقَدَ الْإِمَامُ عِلْجًا) وَهُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ سُمِّيَ بِهِ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِقُوَّتِهِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعِلَاجُ عِلَاجًا لِدَفْعِهِ الدَّاءَ (لِيَدُلَّ عَلَى قَلْعَةٍ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَشْهُرُ مِنْ فَتْحِهَا (وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ) نَازِلًا (تَحْتَهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي) بِهَا (بِجَارِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ مِنْهَا لَا مِنْ غَيْرِهَا اسْتَحَقَّهَا) وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَصَحَّ ذَلِكَ مَعَ إبْهَامِهَا وَعَدَمِ مِلْكِهَا وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِمِيهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ رَقِيقَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً؛ لِأَنَّهَا تَرِقُّ بِالْأَسْرِ هَذَا (إنْ فُتِحَتْ) أَيْ الْقَلْعَةُ (بِدَلَالَتِهِ وَلَوْ فِي وَقْتٍ آخَرَ) كَأَنْ تَرَكْنَاهَا ثُمَّ عُدْنَا إلَيْهَا (وَلَوْ لَمْ يَظْفَرْ) مِنْهَا (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْجَارِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَاقَدَهُ بِجَارِيَةٍ مِنْ غَيْرِهَا فَيُعْتَبَرُ فِي الصِّحَّةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا فِي سَائِرِ الْجَعَالَاتِ وَخَرَجَ بِالْعِلْجِ مَا لَوْ عَاقَدَ مُسْلِمًا بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنْوَاعَ غَرَرٍ فَلَا يَحْتَمِلُ مَعَهُ وَاحْتَمَلَتْ مَعَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَحْوَالِ قِلَعِهِمْ وَطُرُقِهِمْ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجِهَادِ وَالدَّلَالَةُ نَوْعٌ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ.

كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ جَوَازَهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ تَصْحِيحَهُ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ الِاسْتِحْقَاقُ بِدَلَالَتِهِ تَحْتَ الْقَلْعَةِ وَقَالَ الرَّاجِحُ بِمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ فِي الْجَعَالَةِ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعَبِ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ بِدَلَالَتِهِ تَحْتَ الْقَلْعَةِ وَقِيَاسُهُ عَلَى رَدِّ الْعَبْدِ مِنْ الْبَلَدِ وَاضِحُ الْبُطْلَانِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْكُلْفَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ فِيهِ تَعَبٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُبْهَمَةِ بِخِلَافِ ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْلِهِ قَلْعَةُ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ كَمَا صَوَّرَهُ بِهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ يَكْثُرُ فِيهَا الْغَرَرُ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَبْهَمَ فِي قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ (فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ أَوْ فُتِحَتْ بِغَيْرِ دَلَالَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْفَتْحِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْجَارِيَةِ بِدُونِ الْفَتْحِ فَكَأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مُقَيَّدٌ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَتِهِ بَلْ بِالْفَتْحِ بِهَا.

وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ فَتَحَهَا طَائِفَةٌ أُخْرَى وَلَوْ بِدَلَالَتِهِ لِانْتِفَاءِ مُعَاقَدَتِهِ مَعَهَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُعَيَّنَةُ فِيهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْإِمَامِ لِإِعْطَائِهَا لِلْعِلْجِ (فَلَا شَيْءَ) لَهُ لِفَقْدِ الْمَشْرُوطِ (أَوْ) مَاتَتْ (بَعْدَهُ) وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَسْلِيمِهَا (وَجَبَتْ قِيمَةُ مَنْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا وَقَدْ حَصَلَتْ فِي يَدِ الْإِمَامِ فَكَانَ التَّلَفُ مِنْ ضَمَانِهِ (لَا) مَنْ مَاتَتْ (قَبْلَهُ) فَلَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَقِيلَ تَجِبُ لَهُ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِهَا وَهِيَ حَاصِلَةٌ لَكِنْ تَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ فَرَدَّهُ وَقَدْ مَاتَتْ يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ.

وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَلَيْسَ لَهُ نَصٌّ يُخَالِفُهُ وَلَوْ هَرَبَتْ فَهِيَ كَمَا لَوْ مَاتَتْ وَإِذَا وَجَبَتْ قِيمَتُهَا فَلْتَجِبْ (مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ) أَيْ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَلَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ (وَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ دُونَهُ) أَيْ الْعِلْجِ (أُعْطِيَ قِيمَتَهَا) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ شِرَاءِ الْكَافِرِ مُسْلِمًا لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبِنَاءُ مَرْدُودٌ بَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالظَّفَرِ وَقَدْ كَانَتْ إذْ ذَاكَ كَافِرَةً فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهَا كَمَا لَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ هُنَاكَ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ وَمَا ذُكِرَ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةٌ لِمِثْلِ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْعِلْجُ أَيْضًا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَدْرِي بِجَارِيَةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ جَوَازَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ تَصْحِيحَهُ) فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ النَّفَلَ زِيَادَةُ مَالٍ عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ مَثَّلَ لَهُ بِأُمُورٍ مِنْهَا الْمَذْكُورُ هُنَا وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ السَّهْمَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُسْلِمٍ فَلَزِمَ مِنْ إطْلَاقِهِ وَتَعْبِيرِهِ بِالسَّهْمِ جَوَازُهُ مَعَ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ) وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَنَسَبَهُ فِي تَنْقِيحِهِ لِلرَّوْضَةِ وَوَهَّمَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَتِهَا وَالثَّانِي يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لِلْحَاجَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمُسْلِمُ أَعْرَفَ وَهُوَ أَنْصَحُ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَلَّقُ بِالْكُفَّارِ اهـ فَالْتَبَسَ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ أَنْصَحُ بِأَصَحَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ) وَكَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْوَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى تَصْحِيحِ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هَذَا نَظِيرُ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ لِدَلَالَةِ الطَّرِيقِ إلَى الْكُفَّارِ وَذَلِكَ جَائِزٌ ش (قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ) أَيْ وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبِنَاءُ مَرْدُودٌ بَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا لِأَنَّهُ إلَخْ) وَمَا قَالَهُ هُوَ قَضِيَّةٌ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي آخَرِ سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ ش

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ) وجَزَمَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَطْعُ بِهِ قَالَ وَالسَّبَبُ فِي امْتِنَاعِ مَجِيءِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هُنَا هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ سُومِحَ فِيهَا لِلْحَاجَةِ إلَى نِكَايَةِ الْكُفَّارِ وَالْفَتْحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنَظَرَ فِيهَا إلَى الَّذِي انْصَبَّ قَصْدُ الدَّالِّ إلَيْهِ وَهُوَ الْجَارِيَةُ فَحَيْثُ غَرِمْنَا عِوَضَهَا فَهُوَ قِيمَتُهَا لِأَنَّ الدَّالَّ إنَّمَا يَشْرِطُ شَيْئًا كَثِيرًا زَائِدًا عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>