للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَامَّ وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُبَيَّنَ) وَالنَّصَّ وَالظَّاهِرَ (وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ) وَعَرَفَ (مِنْ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَ وَالْآحَادَ وَالْمُرْسَلَ وَالْمُتَّصِلَ وَعَدَالَةَ الرُّوَاةِ وَجَرْحَهُمْ) ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ (وَ) عَرَفَ (أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إجْمَاعًا وَغَيْرَهُ) لِئَلَّا يُخَالِفَهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ (وَ) عَرَفَ (الْقِيَاسَ جَلِيَّهُ وَخَفِيَّهُ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي الْبَابِ الثَّانِي (وَصَحِيحَهُ وَفَاسِدَهُ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَ) عَرَفَ (لِسَانَ الْعَرَبِ لُغَةً وَإِعْرَابًا) لِوُرُودِ الشَّرِيعَةِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ بِهِ يُعْرَفُ عُمُومُ اللَّفْظِ وَخُصُوصُهُ وَإِطْلَاقُهُ وَتَقْيِيدُهُ وَإِجْمَالُهُ وَبَيَانُهُ (وَ) عَرَفَ (أُصُولَ الِاعْتِقَادِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي اعْتِقَادٌ جَازِمٌ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَدِلَّتِهِمْ؛ لِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ لَمْ يَكُنْ الصَّحَابَةُ يَنْظُرُونَ فِيهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ حِفْظُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ) وَلَا بَعْضُهُ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ مَظَانَّ أَحْكَامِهِ فِي أَبْوَابِهَا فَيُرَاجِعَهَا وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (وَلَا) يُشْتَرَطُ (التَّبَحُّرُ فِي هَذِهِ الْعُلُومِ بَلْ يَكْفِي جُلٌّ) أَيْ مَعْرِفَةُ جُلٍّ مِنْهَا.

(وَ) أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَصْلٌ (مُصَحِّحٌ يَجْمَعُ أَحَادِيثَ الْأَحْكَامِ) أَيْ غَالِبَهَا كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد فَيَعْرِفَ كُلَّ بَابٍ فَيُرَاجِعَهُ إذَا احْتَاجَ إلَى الْعَمَلِ بِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ ضَبْطُ كُلِّ مَوَاضِعِ الْإِجْمَاعِ) وَالِاخْتِلَافِ (وَيَكْفِيهِ) الْأَوْلَى بَلْ يَكْفِيهِ (أَنْ يَعْرِفَ أَوْ يَظُنَّ) فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُفْتِي فِيهَا (أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ لِمُوَافَقَتِهِ غَيْرَهُ) أَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا الْأَوَّلُونَ بَلْ تَوَلَّدَتْ فِي عَصْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَكْتَفِي) عَنْ الْبَحْثِ فِي الْأَحَادِيثِ (بِمَا قَبِلَهُ) مِنْهَا (السَّلَفُ وَتَوَاتَرَتْ أَهْلِيَّةُ رُوَاتِهِ) مِنْ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ وَمَا عَدَاهُ يَكْتَفِي فِي أَهْلِيَّةِ رُوَاتِهِ بِتَأْهِيلِ إمَامٍ مَشْهُورٍ عُرِفَتْ صِحَّةُ مَذْهَبِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالضَّبْطِ ثُمَّ اجْتِمَاعِ هَذِهِ الْعُلُومِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الشَّرْعِ (وَيَجُوزُ أَنْ يَتَبَعَّضَ الِاجْتِهَادُ) بِأَنْ يَكُونَ الْعَالِمُ مُجْتَهِدًا فِي بَابٍ دُونَ بَابٍ فَيَكْفِيهِ عِلْمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِيهِ (وَيُشْتَرَطُ) فِيمَنْ يَتَوَلَّى أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا مُكَلَّفًا عَدْلًا فَلَا يُوَلَّى فَاسِقٌ) وَلَا أَعْمَى وَلَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ (وَلَا كَافِرٌ) وَلَوْ (فِي كُفَّارٍ) لِمَا مَرَّ.

(وَمَنْ نُصِّبَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْكُفَّارِ عَلَيْهِمْ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْوُلَاةِ مِنْ نَصْبِ حَاكِمٍ لَهُمْ (فَهُوَ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ لَا) تَقْلِيدُ (حُكْمٍ) ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ بِالْتِزَامِهِمْ لَا بِإِلْزَامِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَكُونَ نَاطِقًا سَمِيعًا) فَلَا يَكْفِي كَوْنُهُ أَصَمَّ (وَلَا أَخْرَسَ) ، وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ (وَلَا يَضُرُّ ثِقَلُ سَمْعِهِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَكُونَ كَافِيًا) فِي الْقَضَاءِ (وَلَوْ) كَانَ (أُمِّيًّا) لَا يَكْتُبُ وَلَا يَحْسِبُ وَلَا يَقْرَأُ الْمَكْتُوبَ وَتَعْبِيرُهُ كَالرَّافِعِيِّ بِالْأُمِّيِّ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْسِنَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَيَّدَ مَحَلَّ الْخِلَافِ بِمَا إذَا كَانَ مَنْ يَتَوَلَّى بِمَحَلٍّ فِيهِ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَثِقُ هُوَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَإِلَّا لَضَاعَتْ حُقُوقٌ وَمَصَالِحُ كَثِيرَةٌ (وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (يُجْزِئُ ضَعِيفُ رَأْيٍ) لِتَغَفُّلٍ أَوْ اخْتِلَالِ رَأْيٍ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَنُدِبَ) لِتَوَلِّي الْقَضَاءِ (قُرَشِيٌّ وَمُرَاعَاةُ الْعِلْمِ وَالتُّقَى أَوْلَى مِنْ) مُرَاعَاةِ (النَّسَبِ) وَنُدِبَ (ذُو حِلْمٍ وَتَثَبُّتٍ وَلِينٍ وَفَطِنَةٍ وَتَيَقُّظٍ وَكِتَابَةٍ) وَالتَّصْرِيحُ بِنَدْبِ الْكِتَابَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) نُدِبَ (صِحَّةُ حَوَاسَّ) وَأَعْضَاءٍ (وَمَعْرِفَةٌ بِلُغَةِ الْبَلَدِ) الَّذِي يَقْضِي لِأَهْلِهِ (قَنُوعٌ سَلِيمٌ مِنْ الشَّحْنَاءِ صَدُوقٌ) وَافِرُ الْعَقْلِ ذُو وَفَاءٍ وَسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ.

وَإِذَا عَرَفَ الْإِمَامُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَالنَّوَاهِي تُسْتَنْبَطُ مِنْ الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ وَنَحْوِهِمَا وَعَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ عِدَّةَ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ خَمْسُمِائَةٍ كَعَدَدِ الْآيِ وَلَعَلَّ الْحَافِظَ عَبْدَ الْغَنِيِّ جَعَلَ عِدَّتَهُ خَمْسَمِائَةِ حَدِيثٍ لِذَلِكَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ أَحَادِيثَ الْأَحْكَامِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ بَلْ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى مُشْكِلِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ بِأَنَّهَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَغَالِبُ الْأَحَادِيثِ لَا يَكَادُ يَخْلُو عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَأَدَبٍ شَرْعِيٍّ وَسِيَاسَةٍ دِينِيَّةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَحْكَامُ الَّتِي هِيَ مَحَالُّ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ وَالْخَفَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ) أَيْ وَالْمُؤَوَّلُ وَالْمَنْطُوقُ وَالْمَفْهُومُ وَمُقْتَضَيَاتُ التَّرْجِيحِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَدِلَّةِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَ الْقِيَاسَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا مَعْرِفَتُهُ تَصْحِيحَ حِسَابِ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمُقْتَضَيَاتُ التَّرْجِيحِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَدِلَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ إلَخْ) الْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ وَخَالَفَهُمْ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْكَلَامِ الْبَيْضَاوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ الْجُمْهُورِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مَنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ عَدَمَ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الدِّينِ مِنْ شُرُوطِ الِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْكَلَامِ الْبَيْضَاوِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَعْرِفَ أَوْ يَظُنَّ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَعْرِفَةِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا) أَمَّا الْقَاضِي الَّذِي يَنْزِلُ أَهْلُ الْقَلْعَةِ عَلَى حُكْمِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ أَعَمًى كَمَا مَرَّ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ كَانَ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي مَنْعُهُ وَلَوْ كَانَ فِي بَصَرِهِ ضَعْفٌ بِحَيْثُ يَرَى الْإِنْسَانَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصُّوَرِ فَكَالْأَعْمَى (قَوْلُهُ عَدْلًا) ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ إذَا مَنَعَ النَّظَرَ فِي مَالِ الِابْنِ مَعَ عِظَمِ الشَّفَقَةِ فَمَنْعُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ الَّتِي بَعْضُهَا حِفْظُ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْلَى وَسَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ أَمْ بِمَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا أَعْمَى) وَلَا مَنْ لَا يُبْصِرُ نَهَارًا وَلَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ كَافِيًا) الْكِفَايَةُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ، وَهِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ كُلِّ وِلَايَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ قَطْعًا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْقَضَاءِ التَّصَرُّفُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ وَشَرَطَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ كَوْنَهُ عَالِمًا بِلُغَةِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا لَكِنَّ الْجُمْهُورَ جَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ الْآدَابِ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَحَمَلَ الْحُسْبَانِيُّ كَلَامَ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَفْهَمُ عَنْهُمْ وَلَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا إذَا عَرَفَ مُصْطَلَحَاتِهِمْ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ وَأَقَارِيرِهِمْ وَنَحْوَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>