للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي كَتْبِ الْمُفْتِي لَهُ بَأْسٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَاسْتَحَبُّوا أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ بِخَطِّ غَيْرِ الْمُفْتِي وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَلَمْ يَسْتَحِبُّوا أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ بِخَطِّ الْمُفْتِي وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْفَقُ بِالْأَوْلَى (وَلَا يَكْتُبُ خَلْفَ) يَعْنِي مَعَ (مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَقْرِيرًا مِنْهُ لِمُنْكَرٍ (وَلَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِ إنْ أَمِنَ فِتْنَةً، وَإِنْ سَخِطَ الْمَالِكُ) لِلرُّقْعَةِ (وَيُنْهِي) الْمُفْتِي (الْمُسْتَفْتِي عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَمَّا ارْتَكَبَهُ مِنْ اسْتِفْتَائِهِ مَنْ لَا يَصْلُحُ وَجَهْلِهِ وُجُوبَ بَحْثِهِ عَمَّنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى (وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الرُّقْعَةِ) الَّتِي أَجَابَ فِيهَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا إذَا وَجَدَ فُتْيَا مَنْ يَصْلُحُ، وَهِيَ خَطَأٌ قَطْعًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْإِفْتَاءِ تَارِكًا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خَطَئِهَا إذَا لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ غَيْرُهُ بَلْ عَلَيْهِ الضَّرْبُ عَلَيْهَا أَوْ تَقْطِيعُهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَتَبَ صَوَابَ جَوَابِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْخَطَأِ وَحَسَنٌ أَنْ تُعَادَ إلَى ذَلِكَ الْمُفْتِي بِإِذْنِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَطَأُ قَطْعًا لَكِنْ وَجَدَهَا بِخِلَافِ مَا يَرَاهُ هُوَ فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى كَتْبِ جَوَابِ نَفْسِهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا بِتَخْطِئَةٍ وَلَا اعْتِرَاضٍ

(وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْحَثَ) أَيْ يَسْأَلَ (أَهْلَ الْعِلْمِ) الْمَشْهُورِينَ فِي عَصْرِهِ (عَمَّنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى لِيَمْنَعَ مَنْ لَا يَصْلُحُ) لَهَا مِنْهَا وَيَتَوَعَّدُهُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى الْعَوْدِ (وَلْيَكُنْ الْمُفْتِي) مَعَ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ (مُتَنَزِّهًا عَنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ فَقِيهَ النَّفْسِ سَلِيمَ الذِّهْنِ وَحَسَنَ التَّصَرُّفِ) وَالِاسْتِنْبَاطِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُفْتِي (عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً) وَأَعْمَى (وَأَخْرَسَ تُفْهَمُ إشَارَتُهُ) أَوْ يَكْتُبُ (وَلَيْسَ هُوَ كَالشَّاهِدِ فِي رَدِّ فَتْوَاهُ لِقَرَابَةٍ وَجَرِّ نَفْعٍ) وَدَفْعِ ضَرَرٍ وَعَدَاوَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ الشَّرْعِ بِمَا لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِشَخْصٍ فَكَانَ كَالرَّاوِي لَا كَالشَّاهِدِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ قَالَ وَعَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي أَنَّ الْمُفْتِي إذَا نَابَذَ فِي فَتْوَاهُ شَخْصًا مُعَيَّنًا صَارَ خَصْمًا لَهُ فَتُرَدُّ فَتْوَاهُ عَلَيْهِ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ (وَتُقْبَلُ فَتْوَى مَنْ لَا يَكْفُرُ وَلَا يَفْسُقُ بِبِدْعَتِهِ كَشَهَادَتِهِ) بِخِلَافِ الرَّافِضَةِ نَحْوُهُمْ مِمَّنْ يَسُبُّ السَّلَفَ لَا تُقْبَلُ فَتْوَاهُمْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ قَبُولِهَا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ فِي قَبُولِ فَتْوَاهُمْ تَرْوِيجًا وَإِعْلَاءً لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا دَرَجَةٌ رَفِيعَةٌ وَالتَّنْظِيرُ بِشَهَادَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُفْتِي) مَنْ يَصْلُحُ لِلْفَتْوَى (وَلَوْ) كَانَ (قَاضِيًا) فَلَا تُكْرَهُ لَهُ الْفَتْوَى وَلَوْ فِي الْأَحْكَامِ (وَفِي اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْحِسَابِ لِتَصْحِيحِ مَسَائِلِهِ) الْفِقْهِيَّةِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ نَعَمْ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ: الْمَذْهَبُ: لَا، وَرَدَّ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ لَهُ بِأَنَّ الرُّويَانِيَّ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْقَاضِي لَا يُفِيدُ الْغَرَضَ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تُشْتَرَطْ فِي الْقَاضِي لَمْ تُشْتَرَطْ فِي الْمُفْتِي إذْ لَوْ شُرِطَتْ فِيهِ لَشُرِطَتْ فِي الْقَاضِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ مُفْتِيًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ حَاسِبًا فَلْيَكُنْ الْمُفْتِي كَذَلِكَ

(وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُفْتِي الْمُنْتَسِبِ إلَى مَذْهَبِ إمَامٍ (أَنْ يَحْفَظَ مَذْهَبَ إمَامِهِ وَيَعْرِفَ قَوَاعِدَهُ وَأَسَالِيبَهُ) وَيَكُونَ فَقِيهَ النَّفْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَيْسَ لِلْأُصُولِيِّ الْمَاهِرِ) التَّصَرُّفُ فِي الْفِقْهِ (وَكَذَا الْبَحَّاثُ فِي الْخِلَافِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفِقْهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْبَحَّاثُ فِي الْفِقْهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْخِلَافِ (وَفُحُولِ الْمُنَاظِرِينَ أَنْ يُفْتِيَ فِي الْفُرُوعِ الشَّرْعِيَّةِ) بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَلَوْ وَقَعَتْ لَهُ وَاقِعَةٌ لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِإِدْرَاكِ حُكْمِهَا اسْتِقْلَالًا لِقُصُورِ آلَتِهِ وَلَا هُوَ مِنْ مَذْهَبِ إمَامٍ لِعَدَمِ حِفْظِهِ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ (وَلَا يَجِبُ إفْتَاءٌ فِيمَا لَمْ يَقَعْ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ

(وَيَحْرُمُ التَّسَاهُلُ فِي الْفَتْوَى وَ) يَحْرُمُ (اتِّبَاعُ الْحِيَلِ) الْمُحَرَّمَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا غَيْرُهَا (إنْ فَسَدَتْ الْأَغْرَاضُ) بِخِلَافِ مَا إذَا صَحَّتْ بِأَنْ احْتَسَبَ فِي طَلَبِهِ حِيلَةً لَا شُبْهَةَ فِيهَا وَلَا تَجُرُّ إلَى مَفْسَدَةٍ لِيُخَلِّصَ بِهَا الْمُسْتَفْتِي مِنْ وَرْطَةِ يَمِينٍ وَنَحْوِهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ هَذَا (وَ) يَحْرُمُ (سُؤَالُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّسَاهُلِ وَاتِّبَاعِ الْحِيَلِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَا يُفْتِي فِي حَالٍ تُغَيِّرُ أَخْلَاقَهُ وَخُرُوجَهُ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَلَوْ بِفَرَحٍ وَمُدَافَعَةِ أَخْبَثَيْنِ) وَنُعَاسٍ وَمَلَالَةٍ (فَإِنْ أَفْتَى) فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ (مُعْتَقِدًا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ دَرْكِ الصَّوَابِ صَحَّتْ فَتْوَاهُ، وَإِنْ خَاطَرَ وَالْأَوْلَى) لِلْمُفْتِي (أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالْفَتْوَى فَإِنْ أَخَذَ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ إلَّا إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ) الْفَتْوَى (وَلَهُ كِفَايَةٌ) فَلَا يَجُوزُ (وَلَا يَأْخُذُ أُجْرَةً مِنْ مُسْتَفْتٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ كَالْحَاكِمِ (فَإِنْ جَعَلَ لَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ رِزْقًا) مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِيَتَفَرَّغَ لِفَتَاوِيهِمْ (جَازَ، وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ) عَلَى كَتْبِ الْجَوَابِ (جَازَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْفَتْوَى بِالْقَوْلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا (وَالْأَوْلَى) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِ إلَخْ) ذَكَرَ الْعَبَّادِيُّ فِي الزِّيَادَاتِ فِي إصْلَاحِ كُتُبِ الْعِلْمِ خِلَافَهُ فَقَالَ لَا يَجُوزُ إصْلَاحُ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ الْغَلَطِ بِغَيْرِ إذْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا فَيَجِبُ

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ هُوَ كَالشَّاهِدِ فِي رَدِّ فَتْوَاهُ لِقَرَابَةٍ) لَا يُكْرَهُ إفْتَاءُ وَالِدٍ وَلَدِهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَفِي غَيْرِهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَجَرُّ نَفْعٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُطِيعِ هَلْ يَجُوزُ لِلْعَالِمِ أَنْ يُفْتِيَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فِيمَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ فِيمَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ نَعَمْ) هُوَ الصَّحِيحُ

(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ اتِّبَاعُ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ إلَخْ) مِنْ الْحِيَلِ الْمَذْمُومَةِ الْمَسْأَلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>