للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَنِكَاحٍ وَعِتْقٍ (رَجُلَانِ وَلَوْ فِي زِنًا) كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ (وَ) لَوْ كَانَتْ التَّرْجَمَةُ (عَنْ شَاهِدَيْنِ) فَيَكْفِي رَجُلَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ كَمَا فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ (وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى؛ لِأَنَّهُمَا يُفَسِّرَانِ اللَّفْظَ) وَذَلِكَ (لَا) يَسْتَدْعِي (مُعَايَنَةً) بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَرَى مَنْ يُتَرْجِمُ الْأَعْمَى كَلَامَهُ وَمِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْمُسْمِعَانِ (فَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ أَصَمَّ كَفَاهُ) فِي نَقْلِ كَلَامِ خَصْمِهِ أَوْ الْقَاضِي إلَيْهِ (مُسْمِعٌ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَهِلَالِ رَمَضَانَ وَلَا يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الرِّوَايَاتِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَكَالْأَصَمِّ فِي ذَلِكَ مَنْ لَا يَعْرِفُ لُغَةَ خَصْمِهِ أَوْ الْقَاضِي.

(فَرْعٌ لِلْقَاضِي) ، وَإِنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ (أَخَذَ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ عِيَالِهِ) مِنْ نَفَقَتِهِمْ (وَكِسْوَتِهِمْ) وَغَيْرِهِمَا (مِمَّا يَلِيقُ) بِحَالِهِمْ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِيَتَفَرَّغَ لِلْقَضَاءِ وَلِخَبَرِ «أَيُّمَا عَامِلٍ اسْتَعْمَلْنَاهُ وَفَرَضْنَا لَهُ رِزْقًا فَمَا أَصَابَ بَعْدَ رِزْقِهِ فَهُوَ غُلُولٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ وَكِسْوَتَهُمْ كَانَ أَوْلَى (إلَّا أَنْ تَعَيَّنَ) لِلْقَضَاءِ (وَوَجَدَ كِفَايَةً) لَهُ وَلِعِيَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي فَرْضًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْكِفَايَةِ (وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ) أَيْ الْأَخْذِ (لِمُكْتَفٍ) لَمْ يَتَعَيَّنْ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمُكْتَفِي وَلِغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِالْقَضَاءِ صَالِحٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ

(وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقَضَاءِ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَلَا) يَجُوزُ (أَنْ يُرْزَقَ) الْقَاضِي (مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهُ وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْمُؤَذِّنِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُورِثُ فِيهِ تُهْمَةً وَلَا مَيْلًا؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ لَا يَخْتَلِفُ وَفِي الْمُفْتِي بِأَنَّ الْقَاضِيَ أَجْدَرُ بِالِاحْتِيَاطِ مِنْهُ وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّافِعِيَّ رَجَّحَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ جَوَازَهُ وَأَسْقَطَهُ النَّوَوِيُّ ثَمَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِي الْمُحْتَاجِ وَمَا هُنَا فِي غَيْرِهِ

(وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي وَثَمَنُ الْوَرَقِ) الَّذِي يَكْتُبُ فِيهِ الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ وَنَحْوَهُمَا (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِمَا هُوَ أَهَمُّ (فَعَلَى) مَنْ لَهُ الْعَمَلُ مِنْ (الْمُدَّعِي) وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (إنْ شَاءَ) كِتَابَةَ مَا جَرَى فِي خُصُومَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ يُعْلِمُهُ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْتُبْ مَا جَرَى فَقَدْ يَنْسَى شَهَادَةَ الشُّهُودِ وَحُكْمَ نَفْسِهِ (وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ خَيْلٍ وَغِلْمَانٍ وَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ) عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ (كَالصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِبُعْدِ الْعَهْدِ بِزَمَنِ النُّبُوَّةِ الَّتِي كَانَتْ سَبَبًا لِلنَّصْرِ بِالرُّعْبِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِشَهَادَتِهِنَّ وَحْدَهُنَّ لِقَوْلِهِمْ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ تُقْبَلُ فِيهِ تَرْجَمَتُهَا وَجَعَلَ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ الضَّابِطَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِقْرَارُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ.

وَقَالَ الدَّبِيلِيُّ: وَكُلُّ أَصْلٍ عَلَى حَسَبِ شُهُودِ أَصْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الدَّبِيلِي بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ سَاكِنَةً ثُمَّ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ هَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الزَّبِيلَيْ بِالزَّايِ تَصْحِيفٌ وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى إلَخْ) مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ سُكُوتًا فَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بِالتَّرْجَمَةِ قَطْعًا إذَا احْتَمَلَ الِالْتِبَاسَ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَالْمُرَادُ إذَا تَكَلَّمَ غَيْرُ الْمُتَرْجِمِ عَنْهُ بِتِلْكَ اللُّغَةِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا الْمُتَرْجِمُ عَنْهُ (قَوْلُهُ لِلْقَاضِي أَخْذُ كِفَايَتِهِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الَّذِي يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَوْ جَوَامِكَ فِي نَظَرِ الْأَوْقَافِ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَتُسْتَرَدُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَفَّذْنَا قَضَاءَهُ لِلضَّرُورَةِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي يَأْخُذُهُ فَيُسْتَرَدُّ مِنْهُ قَطْعًا لَا تَوَقُّفَ فِي ذَلِكَ وَمَنْ تَوَلَّى التَّدْرِيسَ بِالشَّوْكَةِ وَلَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَامَكِيَّتَهُ وَلْيُقَسْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مَا لَمْ نَذْكُرْهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَنْفُذُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ جَعَالَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَكِسْوَتُهُمْ كَانَ أَوْلَى) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي فَرْضًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ) ، وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْكِفَايَةِ فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ بِبَدَلٍ كَعِتْقِ عَبْدٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ عَلَى عِوَضٍ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمُكْتَفِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَعْمَلُهُ الْغَيْرُ عَنْ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْغَيْرِ

(قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِي الْمُحْتَاجِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا تَعَذَّرَ رِزْقُ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَرَادَ أَنْ يَرْتَزِقَ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُ النَّظَرُ عَنْ اكْتِسَابِ الْمَادَّةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْتَزِقَ مِنْ الْخُصُومِ، وَإِنْ كَانَ يَقْطَعُهُ النَّظَرُ عَنْ اكْتِسَابِ الْمَادَّةِ مَعَ صِدْقِ الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ الِارْتِزَاقُ مِنْهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الْخَصْمَانِ قَبْلَ التَّحَاكُمِ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَجُزْ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ رِزْقُهُ عَلَى الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَصِيرُ بِهِ مُتَّهَمًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ عَنْ إذْنِ الْإِمَامِ لِتَوَجُّهِ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ يَجُزْ وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يَجِدَ الْإِمَامُ مُتَطَوِّعًا فَإِنْ وَجَدَهُ لَمْ يَجُزْ وَالْخَامِسُ أَنْ يَعْجِزَ الْإِمَامُ عَنْ دَفْعِ رِزْقِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَالسَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مَا يُرْزَقُهُ مِنْ الْخُصُومِ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ عَلَيْهِمْ وَلَا مُضِرٍّ بِهِمْ فَإِنْ أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ أَثَّرَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ وَالسَّابِعُ أَنْ لَا يَسْتَزِيدَ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَالثَّامِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْمَأْخُوذِ مَشْهُورًا يَتَسَاوَى فِيهِ جَمِيعُ الْخُصُومِ وَإِنْ تَفَاضَلُوا فِي الْمُطَالَبَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ عَنْ زَمَانِ النَّظَرِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ فَإِنْ فَاضَلَ فِيهِ بَيْنَهُمْ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ تَفَاضَلُوا فِي الزَّمَانِ فَيَجُوزُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ وَتَعَذَّرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يَجِدْ مُتَطَوِّعًا بِالْقَضَاءِ أَنْ يَجُوزَ لِأَهْلِ عَمَلِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ رِزْقًا سَوَاءٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَمْ لَا إذْ لَا سَبِيلَ إلَى التَّعْطِيلِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الِاسْتِجْعَالِ مِنْ أَعْيَانِ الْخُصُومِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ

(قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ إلَخْ) أُجْرَةُ كَاتِبِ الصُّكُوكِ تَكُونُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ حِصَصُهُمْ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَأْصِيلًا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ يَنْبَغِي مَعْرِفَتُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>