للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا وَعَكْسُهُ) وَهُوَ مَنْ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ فَاسِقٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا

(فَرْعٌ يُكْرَهُ الشِّطْرَنْجُ) أَيْ اللَّعِبُ بِهِ وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهُ وَاحْتُجَّ لِإِبَاحَةِ اللَّعِبِ بِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَبِأَنَّ فِيهِ تَدْبِيرُ الْحُرُوبِ وَلِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّ صَرْفَ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي وَبِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِهِ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (فَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ قِمَارٌ) بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ فُحْشٌ) أَوْ لَعِبٌ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ (أَوْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ عَمْدًا وَكَذَا) تَأْخِيرُهَا عَنْهُ (سَهْوًا لِلَّعِبِ بِهِ) بِأَنْ شَغَلَهُ اللَّعِبُ بِهِ حَتَّى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ غَافِلٌ (وَتَكَرَّرَ) ذَلِكَ مِنْهُ (فَحَرَامٌ) لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ وَيُفَارِقُ حُكْمَ السَّهْوِ مَعَ التَّكَرُّرِ هُنَا مَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سَاهِيًا مِرَارًا بِأَنَّهُ هُنَا شَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا فَاتَتْ بِهِ الصَّلَاةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْصِيَةِ الْغَافِلِ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدَ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ أَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَادَ إلَى مَا عَلِمَ إنَّهُ يُوَرِّثُهُ الْغَفْلَةَ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ شَغْلَ النَّفْسِ بِالْمُبَاحِ يَفْجَؤُهَا وَلَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِأَنَّ مَا شَغَلَهَا بِهِ هُنَا مَكْرُوهٌ وَثَمَّ مُبَاحٌ (فَإِنْ خَرَّجَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ لِمَنْ غَلَبَ) أَيْ لِيَبْذُلَهُ إنْ غَلَبَ وَيُمْسِكَهُ إنْ غَلَبَ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُمَا (فَلَيْسَ بِقِمَارٍ بَلْ مُسَابَقَةٌ فَاسِدَةٌ) لِأَنَّهُ مُسَابَقَةٌ عَلَى غَيْرِ آلَةٍ فَقَالَ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ حَرَامٌ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ

(وَالنَّرْدُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاللَّعِبُ بِالنَّرْدِ (حَرَامٌ) لِخَبَرِ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَفَارَقَ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ بِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ الْكَعْبَانِ أَيْ الْحَصَى وَنَحْوُهُ فَهُوَ كَالْأَزْلَامِ وَفِي الشِّطْرَنْجِ عَلَى الْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ وَإِنَّهُ يَنْفَعُ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ (وَهُوَ صَغِيرَةٌ وَالْحَزَّةُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ وَهِيَ قِطْعَةُ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا حُفَرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ يُجْعَلُ فِيهَا حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا وَتُسَمَّى بِالْمُنَقِّلَةِ وَقَدْ تُسَمَّى بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ (وَالْفَرَقُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَيُقَالُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ أَنْ يُخَطَّ فِي الْأَرْضِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ وَيُجْعَلَ فِي وَسَطِهِ خَطَّانِ كَالصَّلِيبِ وَيُجْعَلَ عَلَى رُءُوسِ الْخُطُوطِ حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا (كَالنَّرْدِ) فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ وَقِيلَ كَالشِّطْرَنْجِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا) كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَعَلَى هَذَا لَا تَضُرُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ إذْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ. اهـ. وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى أَنْوَاعٍ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ فِي الْغَلَبَةِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مُدَّةَ الْعُمُرِ فَالْمُسْتَقْبَلُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ لِإِبَاحَتِهِ إلَخْ) وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ إذَا سَلِمَ الْمَالُ مِنْ الْخُسْرَانِ وَاللِّسَانُ مِنْ الْبُهْتَانِ وَالصَّلَاةُ مِنْ النِّسْيَانِ فَهُوَ أُنْسٌ بَيْنَ الْخِلَّانِ فَلَا يُوصَفُ بِالْحِرْمَانِ (قَوْلُهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ إلَخْ) إنَّمَا أَنْكَرَهَا كَرَاهَةً لَهَا لَا لِحَظْرِهَا وَإِلَّا لَرَفَعَهَا وَمَنَعَهُمْ مِنْهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَمِعُوا الْأَذَانَ وَهُمْ يَتَشَاغَلُونَ بِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِهَجْرِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَقِيلَ إنَّ الشِّطْرَنْجَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ صُوَرًا عَلَى صُورَةِ الْأَفِيلَةِ وَالْأَفْرَاسِ وَالرَّجَّالَةِ فَكَرِهَهَا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) مَحِلُّهُ مَا إذَا كَانَا قَرِيبًا مِنْ التَّكَافُؤِ فَإِنْ قُطِعَ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ فَيَغْنَمَ أَوْ يُغْلَبَ فَيَغْرَمَ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَعِبَ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ وَالْجَرَاءَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ رَجُلَانِ وَقْتَ النِّدَاءِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّ مَسْأَلَتَنَا أَخَفُّ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ وَتَحْرِيمَ لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ وَإِنَّمَا الْحَرَامُ فِعْلُهُ مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَمْ تَحْصُلْ الْمُعَانَةُ عَلَيْهِ إنَّمَا حَصَلَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَسَأَلْت الْوَالِدَ أَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْقِيَ غَيْرَهُ الْخَمْرَ إذَا كَانَ الشَّارِبُ يَظُنُّهُ غَيْرَ خَمْرٍ وَالسَّاقِي يَعْرِفُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْت لِمَ مَعَ أَنَّ السَّاقِيَ لَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يُعِنْ عَلَى مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ الشَّارِبَ لَمْ يَأْثَمْ فَقَالَ لِأَنَّهُ حَقَّقَ الْمَفْسَدَةَ (قَوْلُهُ وَتَكَرَّرَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ رَاجِعٌ لِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ سَهْوًا (قَوْلُهُ فَحَرَامٌ لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ) فَالْمُحَرَّمُ هُوَ الْمُقْتَرِنُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالشِّطْرَنْجُ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدُ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ) إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَاحَ الْمُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُفَرَّقُ بِالتَّغْلِيظِ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْمَكْرُوهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَكْرُوهَ وَالْتَزَمَ الطَّرْدَ غ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِضَابِطِ التَّكْرَارِ وَعِبَارَةُ سَلِيمٍ فِي الْمُجَرَّدِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَمْ يَقْدَحْ فَإِنْ تَكَرَّرَ رُدَّتْ اهـ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالنَّوْمِ وَأَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَجْهُ الْمُشَابَهَةِ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ مَتَى اشْتَغَلَ بِهِ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ م وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّ تَعْصِيَةَ الْغَافِلِ اللَّاهِي إذَا كَانَ بِسَبَبٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَدْ جَرَّبَهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ تُوقِعُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ إلَخْ) فَإِنْ أَخَذَهُ فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَفِي الْكَافِي لِلرُّويَانِيِّ أَنَّهُ خَطَأٌ بِتَأْوِيلٍ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا إنْ أَخَذَهُ قَهْرًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ

(قَوْلُهُ وَالنَّرْدُ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ صَغِيرَةٌ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّعِبِ مَجَّانًا غ ر وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْبَغِي تَصْحِيحُهُ (قَوْلُهُ وَالْقَرَقُ بِفَتْحِ الْقَافِ إلَخْ) يُسَمَّى فِي هَذَا الزَّمَانِ إدْرِيسَ (قَوْلُهُ كَالنَّرْدِ فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْحَاوِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>