للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلِاسْتِرَاحَةِ وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا دُونَهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَحْضُرْ حُبِسَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ، قَالَ: فَلَوْ أَدَّاهُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ وَإِذَا حُبِسَ أُدِيمَ حَبْسُهُ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُ الْغَائِبِ بِمَوْتٍ أَوْ جَهْلٍ بِمَوْضِعِهِ أَوْ إقَامَتِهِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا حَذَفَ ذِكْرَ جَوَازِ الْحَبْسِ اكْتِفَاءً بِمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَوْ لِأَنَّهُ يَرَى خِلَافَهُ تَبَعًا لِجَمْعٍ.

فَقَدْ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْمَنْعِ قَبْلَ حِكَايَتِهِمْ الْجَوَازَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: إنَّ الْمَنْعَ أَقْرَبُ، قَالَ: وَالْقَائِلُونَ بِالْحَبْسِ قَاسُوهُ عَلَى الْمَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّهُ هُنَا فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ الْمَدْيُونِ وَمِثْلُهُ لَا يُحْبَسُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إحْضَارِهِ (فَلَوْ مَاتَ) الْمَكْفُولُ بِهِ (أَوْ تَسَتَّرَ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْكَفِيلَ (الْمَالُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَانْقَطَعَ لَا يُطَالَبُ بِرَأْسِ الْمَالِ (بَلْ لَوْ شَرَطَ إلْزَامَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ: الْتِزَامَهُ (إيَّاهُ بَطَلَتْ) كَفَالَتُهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ، وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَ الضَّمَانَ مُعَلَّقًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: هَلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ بِشَرْطِ الْحُلُولِ بِجَامِعِ أَنَّهُ زَادَ خَيْرًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَشْرُوطَ فِي تِلْكَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَفِي هَذِهِ أَصْلٌ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَالتَّابِعُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: كَفَلْت بِدَيْنِهِ بِشَرْطِ الْغُرْمِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ فَلَوْ قَالَ: كَفَلْت بَدَنَهُ، فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ، وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ أَيْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَقَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مَا مَرَّ.

(وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَمْ تَبْطُلْ) أَيْ الْكَفَالَةُ وَبَقِيَ الْحَقُّ لِوَرَثَتِهِ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ (فَإِنْ خَلَّفَ وَرَثَةً وَغُرَمَاءَ وَوَصِيًّا بِتَفْرِيقِ الثُّلُثِ) لِمَالِهِ (لَمْ يَبْرَأْ) أَيْ الْكَفِيلُ (إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْجَمِيعِ، وَهَلْ يَكْفِي) التَّسْلِيمُ إلَى (الْمُوصَى لَهُ عَنْ) التَّسْلِيمِ إلَى (الْوَصِيِّ) حَتَّى يَكْفِيَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ مَعَ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الْمَالَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَإِنَّمَا الْوَصِيُّ نَائِبٌ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةً عَلَى أَهْلِ الْوَصَايَا فَصَارَ كَوَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِيصَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ لَا كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ (فَصْلٌ يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَكْفُولِ بِهِ) لِمَا مَرَّ فِي ضَابِطِ الْكَفَالَةِ (لَا) رِضَا (الْمَكْفُولِ لَهُ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ (فَلَوْ كَفَلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ) أَيْ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ مُطَالَبَتُهُ، وَإِنْ طَالَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَقِيلَ: تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إنْ طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ: أَخْرِجْ عَنْ حَقِّي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِيهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَمَا رَجَّحَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ أَمْرَهُ بِطَلَبِهِ قَالَ: وَتَوْجِيهُ اللُّزُومِ بِتَضَمُّنِ الْمُطَالَبَةِ التَّوْكِيلَ بَعِيدٌ (إلَّا إنْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إحْضَارَهُ) كَأَنْ قَالَ لَهُ: أَحْضِرْهُ (إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ) إذَا أَحْضَرَهُ بِاسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي لَهُ (يُجِيبُ) وُجُوبًا لَا بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ بَلْ (لِأَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْحَقِّ) فِي إحْضَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ.

وَقَدْ اسْتَدْعَاهُ الْقَاضِي، وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْت اسْتِدْعَاءَ الْقَاضِي تَبَعًا لِلْقَاضِي وَابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ لَوْ طَلَبَ إحْضَارَ خَصْمِهِ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ مَعَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْحَقِّ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ إحْضَارِهِ إلَى الْقَاضِي مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (وَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ) فِيمَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ لِأَنَّهُ حُبِسَ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَلَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا عَلَى الْمُسْتَثْنَى لَوَافَقَ أَصْلَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَعَ اسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي، وَقَدْ يُشِيرُ كَلَامُهُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْإِذْنِ يُحْبَسُ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

(الرُّكْنُ الْخَامِسُ) لِلضَّمَانِ الشَّامِلِ لِلْكَفَالَةِ (صِيغَةُ لِالْتِزَامِ) لِتَدُلَّ عَلَى الرِّضَا وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ فَيَشْمَلُ اللَّفْظَ وَالْكِتَابَةَ وَإِشَارَةَ الْأَخْرَسِ (كَضَمِنْتُ مَا لَكَ عَلَى فُلَانِ أَوْ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِإِحْضَارِ بَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) أَوْ بِإِحْضَارِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ ضَامِنٌ أَوْ حَمِيلٌ أَوْ قَبِيلٌ) أَوْ صَبِيرٌ أَوْ ضَمِينٌ أَوْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبَكْرِيُّ: فِيهِ تَطْوِيلٌ الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ. اهـ. الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْأَدَاءِ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ ع رَدَّهُ وَالِدِي بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ، وَإِنَّمَا بَذَلَهُ لِلْحَيْلُولَةِ فس قَالَ شَيْخُنَا: عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَرَدَّ مِنْهُ هُوَ الْمَكْفُولُ لَهُ عِنْدَ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ أَوْ تَسَتَّرَ) أَيْ أَوْ هَرَبَ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: هَلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ إلَخْ) شَرْطُ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصَّحِيحِ، وَشَرْطُ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ لَا يُنَافِي الْقَرْضَ بَلْ هُوَ ضَمُّ إرْفَاقٍ إلَى إرْفَاقٍ، وَوَعْدٌ بِإِحْسَانٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ الْغُرْمِ فِيهَا مُنَافٍ لِمَوْضُوعِ الْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ شَرْطُ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا فَإِنَّهُ تَبَرَّعَ بِالْتِزَامِ التَّعْجِيلِ كَمَا تَبَرَّعَ بِأَصْلِ الْكَفَالَةِ فَلَا تَنَافِيَ فس (قَوْلُهُ وَقَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ إلَخْ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ رَجَعَ إلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَحَلُّهُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِسَبَبِ مَالٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهِ فَالْمُسْتَحِقُّ لِلْكَفَالَةِ الْوَارِثُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِيُفِيدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشِيرُ كَلَامُهُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْإِذْنِ يُحْبَسُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: كَضَمِنْتُ مَالَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ تَكَفَّلْت بِهِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>