للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فسادًا، أو يقطع السّبيل. وإذا لم يجز قتلُ مَنْ يصلِّي، جازَ قتلُ من لا يصلِّي.

وفي (١) قولِ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "أُولَئِك الّذِينَ نَهَانِي اللهُ عَنْهُم" رَدٌّ لقول القائل له: "بَلَى، وَلاَ صَلاَةَ لَهُ، بَلَى وَلاَ شَهَادَةَ لَه" لأنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قد أثبتَ له الشّهادةَ والصّلاةَ، ثمَّ أخبرَ أنَّ اللهَ نهاهُ عن قتلِ من هذه صفَتُه، وأنه لا يكلَّف أكثر من أنّ يُقِرَّ ظاهرًا ويُصَلِّي ظاهرًا، وحسابُه على الله. فهذا كان ذلك صادقًا من قلبه يَبْتَغِي بذلك وَجْهَ الله دخل الجنَّة، ومن خادع بها فهو منافقٌ من أهل الدَّركِ الأسفلِ من النّار، ولا يجوز قَتلُه مع إظهار الشّهادةِ والصّلاةِ.

الفائدةُ الخامسة:

قال علماؤنا: وإنّما امتنع رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عن قتل المنافقين لئلّا يقول النّاس: إنّ محمدًا يقتل أصحابه ويتحدّثون بذلك (٢).

الفقه في سبع مسائل:

المسألة الأولى (٣):

اختلفَ العلماءُ في استتابةِ الزِّنديق المشهودِ عليه بالكُفْرِ والتَّعطيلِ، وهو مُقِرٌّ بالإيمانِ مُظْهِرٌ له، جاحدًا لما (٤) نشهد به عليه.

فقال مالكٌ وأصحابه: يُقتلُ الزّنادقةُ ولا يستتابون.

وسُئِلَ مالك عن الزندقة، فقال: ما كان عليه المنافقون في عهد رسول الله- صلّى الله عليه وسلم -* من إظهار الإيمان وَكِتمَانِ الكفر هو الزّندقة عندنا اليوم.


(١) في النُّسَخِ: "في" والواو زيادة من الاستذكار.
(٢) قاله القنازعي في تفسير الموطّأ: الورقة ٣٩. وقال أيضًا: "في حديث عدي بن الخيار من الفقه: استماع الإمام إلى تجريج من يليق به التّجريح فهذا لم يكن المُجَرَّحَ ممّن يليق به التجريح، وَجَبَ الحدّ على المجرِّح إذا شهد عليه شاهدان؛ لأنّه قاذفٌ، إلا أنّ يأتي بالبينّة علي قوله فيسقط عنه الحدّ".
واستنبط البوني من الحديث بعض الفوائد اللّطيفة فقال في تفسير الموطّأ: ٣٤/ أ
"فيه دليل على قتل من لا يصلِّي.
وفيه أنّ أحكام المنافقين كانت تجري كأحكام المسلمين في المواريث وغيرها.
وفيه أنهم كانوا يناجون النَّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -.
وفيه إباحة الغيبة في المنافين".
(٣) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ٦/ ٣٣٤ - ٣٣٧.
(٤) ف: "مظهر له، فأجير لنا" ج: "مظهر له، باجر لنا" والمثبت من الاستذكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>