* إنما هذا التفسير قيل في حق يحيى بن معين. ففي "هدي الساري"(ص ٤٢٠ - ٤٢١) في ترجمة "عبد العزيز بن المختار" قال الحافظ: "احتج به الجماعة. وذكر ابن القطان الفاسي أن مراد ابن معين بقوله في بعض الروايات "ليس بشيء"، يعني أن أحاديثهُ قليلة جدًا" اهـ.
* قلتُ: وأحسبُ أن ابنَ القطان أخذ هذا من الحاكم. فقد قال كما في ترجمة "كثير ابن شنظير" من "التهذيب"(٨/ ٤١٩): "قول ابن معين فيه ليس بشيء، هذا يقوله ابن معين إذا ذُكِر له الشيخُ من الرواة يقلّ حديثه، ربما قال فيه: "ليس بشيء" يعني لم يسند من الحديث ما يشتغل به".
* وأخذ هذه العبارة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فعسُر عليه هضمها ففهمها خطأ!! فقال في تعليقه على "قاعدة في الجرح والتعديل"(ص٦٠): "إذا قال ابنُ معين في الراوي: "ليس بشيء ففي الغالب يعني به أن أحاديثه قليلة، وفي غير الغالب يريد به تضعيف حديثه. . " اهـ.
* كذا قال! ولا أدري مستنده في هذا الفهم المقلوب، فإن عبارة ابن القطان التي نقلها الحافظ، قال فيها: "مراد ابن معين في بعض الروايات". وفي عبارة الحاكم: "ربما قال فيه".
* فهذا صريحٌ في أن عبارة: "ليس بشيء" عند ابن معين تُحمل على قلة أحاديث الراوي أحيانًا, وليس غالبًا.
* ومع ذلك فهذه العبارة لا يُلجأ إلى حملها على هذا المعنى إلا إن كان الراجح في الراوي هو التعديل.
* فإن قلتَ: هل من ضابطٍ يمكن به أن نعرف مراد ابن معين إذا قال في الراوي "ليس بشيء"؟ قلتُ: نعم، فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن ابن معين قد يقول في الراوي قولين، أحدهما "ليس بشيء"، فيمكن اعتبار القول الآخر،