*أما الوجه الثاني: أن العيني رحمه الله اعتمد على حديثٍ أخرجه الحاكم في "المستدرك"(٢/ ٥٧٢) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن أبيه، قال: إنما اشتري يوسف بعشرين درهمًا. . الحديث. قال الحاكم:"صحيحُ الإسناد" ووافقه الذهبيُّ!.
* قلتُ: كلا، وفي الإسناد علَّتان، دون الانقطاع.
الأولى: أنَّ أبا إسحاق السبيعي كان قد اختلط، وزهير بن معاوية سمع منه بعد الاختلاط، كما قال ابن معين وأحمد والترمذيُّ. الثانية: أنَّ أبا إسحاق مدلسٌ وقد عنعنهُ. فلو صرّح أبو عبيدة بالسماع من أبيه في ذلك الخبر لم ينفعه، لكونه ما سلم من الخدش. والله أعلم.
*ثم إني -جدّ- متعجبٌ من العيني رحمه الله تعالى، كيف طابت نفسه باعتبار أن هذا الذي رواه الحاكم دليلٌ على السماع، مع كونه من العالمين -قطعًا- بكثرة أوهام الحاكم في "المستدرك"، والذهبيّ يتبعه في كثير من هذا الوهم؟! وهذا ما حدا بي -قديمًا- إلى تتبع كل ما وهم فيه الحاكم وتبعه عليه الذهبيُّ، فاستللته، وأظهرتُ وجهَ الصواب فيه، وسميتُهُ:"إتحاف الناقم بوهم الذهبي مع الحاكم" قطعتُ فيه شوطًا لا بأس به، وله قصةٌ ذكرتها في "مقدمته"، فلله الحمدُ.
[الوجه الثالث في الرد على البدر العيني]
* الوجه الثالث: وهو أعجبُ الوجوه الثلاثة على الإطلاق. وأكثرها طرافة. فقد زعم العيني رحمه الله أن الترمذيّ ممن يصححون سماع أبي عبيدة من أبيه اعتمادًا على تحسينه لكل الأحاديث التي أخرجها له:"إذ من شرط الحديث الحسن أن يكون إسناده متصلًا عند المحدثين".