للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُعاصِرين، ومَن تَبِعه من الزَّائِغين، حيثُ طَعَنُوا فيه لرِوَايِته إيَّاه، واتَّهَمُوه بأنَّهُ يَكذِبُ فيه على رسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحَاشَاهُ مِن ذلك.

* فهذا هو التَّحقِيقُ العِلميُّ يُثبِتُ أنَّهُ بريءٌ مِن كل ذلك وأنَّ الطَّاعِنَ فيه هو الحقيقُ بالطَّعن فيه، لأنَّهُم رَمَوا صحابِيًّا بالبُهتِ، ورَدوا حديثَ رسُولِ الله لمُجرَّد عدم انطِبَاقِه على عُقولِهم المريضة!

* وقد رَوَاهُ عنه جماعة من الصَّحابَة كما علِمتَ. وليت شِعرِي! هل عَلِمَ هؤُلاء بعدم تفرُّد أبي هُريرَة بالحديثِ, وهو حُجَّةٌ ولو تفرَّدَ، أَم جَهِلُوا ذلك.

* فإن كان الأَوَّلُ فلماذا يتَعَلَّلُون برِوايَة أبي هريرَة إيَّاه، وُيوهِمون النَّاس أنَّه لم يُتابِعهُ أحدٌ من الأصحاب الكِرامِ؟! وإن كان الآخَرُ فهلَّا سَالُوا أهلَ الاختصاصِ والعِلمِ بالحَدِيث الشَّريف؟ وما أحسنَ ما قِيل:

فإن كنتَ لا تَدرِي فتِلكَ مًصِيبَةٌ ... وإن كُنتَ تَدرِي فالمُصِييَةُ أعظَمُ

* ثُمَّ إنَّ كثيرًا من الناس يَتَوَهَّمُون أنَ هذا الحديثَ يُخالِفُ ما يُقرِّرُه الأطبَّاءُ، وهو أنَّ الذُّبَاب يَحمِلُ بأطرَافِهِ الجَراثيمَ، فإذا وَقَع في الطَّعَام أو في الشَّرَاب عَلِقَت به تِلكَ الجَرَاثيم. والحقِيقَةُ أنَّ الحديثَ لا يُخالِفُ الأطباءَ في ذلك، بل هُو يُؤَيّدُهم، إذ يُخبِرُ أنَّ في أحد جَناحَيه داءً، ولكنَّهُ يَزِيدُ عليهم فيقولُ: "وفي الآخر شِفاءً" فهذا ممَّا لم يُحِيطُوا بعِلمِه، فوَجَبَ عليهم الإِيمانُ به إن كانُوا مُسلِمِين، وإلاَ فالتَّوقُّفُ إذا كانوا مِن غَيرِهم إن كانُوا عُقَلاءَ عُلماءَ! ذلك لأنَّ العِلمَ الصَّحيح يَشهَدُ أنَّ عَدَم العِلم بالشَيءِ لا يَستَلزِمُ العِلم بعَدَمِه.

* نقُولُ ذلك، على افتراض أنَّ الطبَّ الحديثَ لم يَشهَد لهذا الحديثِ بالصَّحَّة.

* وقد اختَلَفَت آراءُ الأطبَّاء حولَهُ، وقرأتُ مقالاتٍ كثيرةً في مجلَّاتٍ مُختَلِفةٍ, كلٌّ يُؤيِّدُ ما ذَهَب إليه تأيِيدًا أو رَدًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>