للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يمكنه أن يُعَبِّر بألين من هذه العبارة مع أن كلام إمام الحرمين أشد مما نقله عنه! فإنه قال: "والحديث مدوّن في "الصحاح" متفق على صحته (!) لا يتطرق إليه التأويل". كذا قال رحمه الله وقد أخرجه الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقه" من رواية عبد الرحمن بن غَنْم عن معاذ بن جبل فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتًا لكان كافيًا في صحة الحديث".

* قلتُ [والكلام للألباني]: لم يخرجه الخطيب، بل علَّقه (ص ١٨٩) بقوله: "وقد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ؛ وهذا إسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة".

* قلتُ: وهيهات، فإن في السند إليه كذابًا وضاعًا. .

* هذا ولا يهولنك اشتهار هذا الحديث عند علماء الأصول، واحتجاجهم به في إثبات القياس، فإن أكثرهم لا معرفة عندهم بالحديث ورجاله، ولا تمييز لديهم بين صحيحه وسقيمه، شأنهم في ذلك شأن الفقهاء بالفروع، إلا قليلًا منهم، وقد مر بك كلام إمام الحرمين في هذا الحديث- وهو من هو في العلم بالأصول والفروع، فماذا يقال عن غيره ممن لا يساويه في ذلك بل لا يدانيه، كما رأيت نقد الحافظ ابن طاهر إياه، ثم الحافظ ابن حجر من بعده، مع إنكاره على ابن طاهر سوء تعبيره في نقده.

* ثم وجدت لكل منهما موافقًا، فقد نقل الشيخ عبد الوهاب السبكي في ترجمة الإِمام من "طبقاته" عن الذهبي أنه قال فيه: "وكأن أبو المعالي مع تبحره في الفقه وأصوله، لا يدري الحديث! ذكر في كتاب "البرهان" حديث معاذ في القياس، فقال: هو مدون في "الصحاح" متفق على صحته. كذا قال، وأنَّى له الصحة، ومداره على الحارث بن عَمرو، وهو مجهول، عن رجال من أهل حمص، لا يدري من هم؟ عن معاذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>